التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

ثم - بين - سبحانه - سوء عاقبة هؤلاء الجاحدين من أهل الكتاب ومن المشركين فقال : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ } .

أى : إن الذين أصروا على كفرهم بعد أن تبين لهم ، من اليهود والنصارى ، ومن المشركين الذين هم عبدة الأصنام . . مكانهم المهيأ لهم هو نار جهنم ، حالة كونهم خالدين فيها خلودا أبديا { أولئك } الموصوفون بتلك الصفات الذميمة { هُمْ شَرُّ البرية } أي : هم شر كل صنف من أصناف المخلوقات ، لإِصرارهم على الكفر والإِشراك مع علمهم بالحق .

ولفظ " البرية " من البرَى وهو التراب ، لأنهم قد خلقوا فى الأصل منه ، يقال : فلان برَاه الله - تعالى - يبرُوه بَرْواً . أي : خلقه ، وقرأ نافع بالهمز ، من قولهم : برأ الله - تعالى - الخلق يبرؤهم ، أى : خلقهم .

وقدم سبحانه - أهل الكتاب فى المذمة ؛ لأن جنايتهم فى حق الرسول صلى الله عليه وسلم أشد ، إذا كانوا يستفتحون به على المشركين ، ويقولون لهم : إن نبيا قد أظللنا زمانه ، وإننا عند مبعثه سنتبعه ، فلما بعث صلى الله عليه وسلم كفروا به .

وقد تضمنت هذه الآية الكريمة أمرين : الأول : أن هؤلاء الضالين خالدون فى النار ، والثاني : أنهم شر المخلوقات التى خلقها الله - تعالى - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

فأما وقد جاءتهم البينة من قبل في دياناتهم على أيدي رسلهم ؛ ثم جاءتهم البينة ، حية في صورة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ؛ ويقدم لهم عقيدة ، واضحة بسيطة ميسرة ، فقد تبين الطريق . ووضح مصير الذين يكفرون والذين يؤمنون :

( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية . إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية . جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا . رضي الله عنهم ورضوا عنه ، ذلك لمن خشي ربه ) . .

إن محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] هو الرسول الأخير ؛ وإن الإسلام الذي جاء به هو الرسالة الأخيرة . وقد كانت الرسل تتوالى كلما فسدت الأرض لترد الناس إلى الصلاح . وكانت هناك فرصة بعد فرصة ومهلة بعد مهلة ، لمن ينحرفون عن الطريق فأما وقد شاء الله أن يختم الرسالات إلى الأرض بهذه الرسالة الأخيرة الجامعة الشاملة الكاملة ، فقد تحددت الفرصة الأخيرة ، فإما إيمان فنجاة ، وإما كفر فهلاك . ذلك أن الكفر حينئذ دلالة على الشر الذي لا حد له ، وأن الإيمان دلالة على الخير البالغ أمده .

( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها . أولئك هم شر البرية )حكم قاطع لا جدال فيه ولا محال . مهما يكن من صلاح بعض أعمالهم وآدابهم ونظمهم ما دامت تقوم على غير إيمان ، بهذه الرسالة الأخيرة ، وبهذا الرسول الأخير . لا نستريب في هذا الحكم لأي مظهر من مظاهر الصلاح ، المقطوعة الاتصال بمنهج الله الثابت القويم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

حكم الله في هذه الآية بتخليد الكافرين من { أهل الكتاب والمشركين } وهم عبدة الأوثان في النار وبأنهم { شر البريّة } ، و { البريّة } جميع الخلق ؛ لأن الله تعالى برأهم أو أوجدهم بعد العدم ، وقرأ نافع وابن عامر والأعرج : «البريئة » بالهمز من برأ ، وقرأ الباقون والجمهور : «البريّة » بشد الياء بغير همز على التسهيل ، والقياس الهمز إلا أن هذا مما ترك همزة كالنبي والذرية ، وقرأ بعض النحويين : «البرية » مأخوذ من البراء وهو التراب ، وهذا الاشتقاق يجعل الهمز خطأ وغطاً وهو اشتقاق غير مرضي .