السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

ثم ذكر تعالى ما للفريقين فقال سبحانه : { إنّ الذين كفروا } أي : وقع منهم الستر لمرأى عقولهم بعد صرفها للنظر الصحيح فضلوا واستمروا على ذلك ، وإن لم يكونوا عريقين فيه { من أهل الكتاب } أي : اليهود والنصارى { والمشركين } أي : العريقين في الشرك { في نار جهنم } أي : النار التي تلقاهم بالتجهم والعبوسة { خالدين فيها } أي : يوم القيامة ، أو في الحال لسعيهم لموجباتها . واشتراك الفريقين في جنس العذاب لا يوجب التساوي في النوع ، بل يختلف بحسب اشتداد الكفر وخفته { أولئك } أي : هؤلاء البعداء البغضاء { هم } أي : خاصة بما لضمائرهم من الخبث { شر البرية } أي : الخليقة الذين أهملوا إصلاح أنفسهم وفرّطوا في حوائجهم ومآربهم ، وهذا يحتمل أن يكون على التعميم ، وأن يكون بالنسبة لعصر النبيّ صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى : { وأني فضلتكم على العالمين } [ البقرة : 47 ] أي : عالمي زمانهم ، ولا يبعد أن يكون في كفار الأمم قبل من هو شرّ منهم ، مثل فرعون وعاقر ناقة صالح .