تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

الآية6 : وقوله تعالى : { إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } ظاهر هذا أن يكون تأويل قوله : { لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين } ( الآية : 1 ) أي بعض المشركين في النار لا كل المشركين ، ولكن من كفر من المشركين كان كمن كفر من أهل الكتاب ، { في نار جهنم } لكن الكفر هو الشرك ، والشرك هو الكفر ، كقوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } ( النساء : 48 ) فدل أن الكفر والشرك واحد ، وكل كافر مشرك ، فكأنه قال تعالى : إن الذين أشركوا { من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } .

ثم جاء هذا التشديد لهؤلاء لأن أهل الكتاب ادعوا أنهم من نسل الأنبياء ، ثم تركوا اتباعهم ، والمشركين قد { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم } ( فاطر : 42 ) ثم نقضوا ذلك العهد .

وأهل الكتاب { قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم } ( مهتدون ) ، وقالوا : { وإنا على آثارهم مقتدون }{[23923]} ( الزخرف : 22و23 ) فتركوا اتباع الصالحين من آبائهم .

والعرب أيضا كانوا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرهم ، فحقه عليهم ألزم وأوجب . فشدد ( على ){[23924]} هؤلاء لهذا المعنى .

ثم إن كان ( لفظ ){[23925]} { البرية } مأخوذا مقدرا من البرى ، وهو التراب ، ويرجع تأويل الآية إلى البشر ، فكأنه قال : أولئك هم شر ما أنشئوا من الأرض ، وإن كان مأخوذا ( مقدرا ){[23926]} من البرء ، وهو الخلق ، فيصير كأنه قال : أولئك هم شر ما خلقوا ، فيدخل في ذلك الملائكة والجن والبشر ، وفي الأول لا يدخل إلا البشر خاصة .


[23923]:ساقطة من الأصل وم
[23924]:من م ساقطة من الأصل
[23925]:ساقطة من الأصل وم
[23926]:من م، ساقطة من الأصل