البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

وذكر تعالى مقر الأشقياء وجزاء السعداء ، والبرية : جميع الخلق .

وقرأ الأعرج وابن عامر ونافع : البرئة بالهمز من برأ ، بمعنى خلق .

والجمهور : بشد الياء ، فاحتمل أن يكون أصله الهمز ، ثم سهل بالإبدال وأدغم ، واحتمل أن يكون من البراء ، وهو التراب .

قال ابن عطية : وهذا الاشتقاق يجعل الهمز خطأ ، وهو اشتقاق غير مرضي ، ويعني اشتقاق البرية بلا همز من البرا ، وهو التراب ، فلا يجعله خطأ ، بل قراءة الهمز مشتقة من برأ ، وغير الهمز من البرا ؛ والقراءتان قد تختلفان في الاشتقاق نحو : أو ننساها أو ننسها ، فهو اشتقاق مرضي .

وحكم على الكفار من الفريقين بالخلود في النار وبكونهم شر البرية ، وبدأ بأهل الكتاب لأنهم كانوا يطعنون في نبوته ، وجنايتهم أعظم لأنهم أنكروه مع العلم به ، وشر البرية ظاهره العموم .

وقيل : { شر البريّة } : الذين عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم ، إذ لا يبعد أن يكون في كفار الأمم هو شر من هؤلاء ، كفرعون وعاقر ناقة صالح .