ثم ذكر وعيد الكفار ووعد الأبرار ، وقدم في الوعيد أهل الكتاب على المشركين ، والسر فيه بعد ما مر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقدم حق الله على حق نفسه ، ولهذا حين كسروا رباعيته قال : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعملون ، وحيث فاتته صلاة العصر يوم الخندق قال : ملأ الله بطونهم وقبورهم ناراً ، فقال الله تعالى : كما قدمت حقي على حقك فأنا أيضاً أقدم حقك على حقي ، فمن ترك الصلاة طول عمره لم يكفر ، ومن طعن فيك بوجه يكفر . ثم إن أهل الكتاب طعنوا فيك فقدمتهم في الوعيد على المشركين الذين طعنوا فيّ ، وأيضاً المشركون رأوه صغيراً يتيماً فيما بينهم . ثم إنه بعد النبوة سفه أحلامهم ، وكسر أوثانهم ، وهذا أمر شاق يوجب العداوة الشديدة عند أهل الظاهر . وأما أهل الكتاب فقد كانوا مقرين بنبي آخر الزمان ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مثبتاً لنبيهم وكتابهم ، فلم يوجب لهم ذلك عداوة شديدة ، فطعنهم في محمد صلى الله عليه وسلم طعن في غير موقعه ، فاستحقوا التقديم في الوعيد لذلك ، وكانوا شر البرية ، وهذه جملة يطول تفصيلها شر من السراق ؛ لأنهم سرقوا من كتاب الله صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر من قطاع الطريق ؛ لأنهم قطعوا على سفلتهم طريق الحق ، وشر من الجهال ؛ لأن العناد أقبح أنواع الكفر ، وفيه دلائل على أن وعيد علماء السوء أفظع . قوله في هذه الآية { خالدين فيها } .
وفي آية الوعد { خالدين فيها أبدا } إشارة إلى كمال كرمه وسعة رحمته كما قال " سبقت رحمتي غضبي " . قال العلماء : هذه الآية مخصوصة في صورتين : إحداهما أن من تاب منهم وأسلم خرج من الوعيد ، والثانية أن من مضى من الكفرة ويجوز أن لا يدخل فيها لأن فرعون كان شراً منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.