لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ} (6)

ثم ذكر ما للفريقين فقال تعالى { إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين } فإن قلت : لم قدم أهل الكتاب على المشركين .

قلت : لأن جنايتهم أعظم في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنهم كانوا يستفتحون به قبل بعثته ، ويقرون بنبوته ، فلما بعث أنكروه وكذبوه وصدوه مع العلم به ، فكانت جنايتهم أعظم من المشركين ، فلهذا قدمهم عليهم .

فإن قلت : إن المشركين أعظم جناية من أهل الكتاب ؛ لأن المشركين أنكروا الصانع والنّبوة والقيامة ، وأهل الكتاب اعترفوا بذلك غير أنهم أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان كذلك كان كفرهم أخف ، فلم سوى بين الفريقين في العذاب ؟

قلت : لما أراد أهل الكتاب الرّفعة في الدّنيا بإنكارهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أذلهم الله في الدّنيا ، وأدخلهم أسفل سافلين في الآخرة ، ولا يمنع من دخولهم النّار مع المشركين أن تتفاوت مراتبهم في العذاب . { في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية } أي هم شر الخلق ، والمعنى أنهم لما استحقوا النار بسبب كفرهم قالوا : فهل إلى خروج من سبيل ، فقال : بل تبقون خالدين فيها ، فكأنهم قالوا : لم ذلك ؟ قال : لأنكم شر البرية .