التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

وجاء قومه من رحلتهم ، ووجدوا أصنامهم قد تحطمت ، ويترك القرآن هنا ما قالوه لإبراهيم عندما رأوا منظر آلهتهم بهذه الصورة المفزعة لهم ، مكتفياً بإبراز حالهم فيقول : { فأقبلوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } .

أى : فحين رأوا آلهتهم بهذه الصورة . أقبلوا نحو إبراهيم يسرعون الخطا ولهم جلية وضوضاء تدل على شدة غضبهم لما أصاب آلهتهم .

يقال : زَفَّ النعام يَزِفُّ زََفَّا وزفيفا ، إذا جرى بسرعة حتى لكأنه يطير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

69

وينتهي هذا المشهد فيليه مشهد جديد . وقد عاد القوم فاطلعوا على جذاذ الآلهة ! ويختصر السياق ما يفصله في سورة أخرى من سؤالهم عمن صنع بآلهتهم هذا الصنع ، واستدلالهم في النهاية على الفاعل الجريء . يختصر هذا ليقفهم وجهاً لوجه أمام إبراهيم !

( فأقبلوا إليه يزفون ) . .

لقد تسامعوا بالخبر ، وعرفوا من الفاعل ، فأقبلوا إليه يسرعون الخطى ويحدثون حوله زفيفاً . . وهم جمع كثير غاضب هائج ، وهو فرد واحد . ولكنه فرد مؤمن . فرد يعرف طريقه . فرد واضح التصور لإلهه . عقيدته معروفة له محدودة . يدركها في نفسه ، ويراها في الكون من حوله . فهو أقوى من هذه الكثرة الهائجة المائجة ، المدخولة العقيدة ، المضطربة التصور . ومن ثم يجبههم بالحق الفطري البسيط لا يبالي كثرتهم وهياجهم وزفيفهم !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

{ فأقبلوا إليه } إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعدما رجعوا فرأوا أصنامهم مكسرة وبحثوا عن كاسرها فظنوا أنه هو كما شرحه في قوله : { من فعل هذا بآلهتنا } الآية . { يزفون } يسرعون من زفيف النعام . وقرأ حمزة على بناء المفعول من أزفة أي يحملون على الزفيف . وقرئ { يزفون } أي يزف بعضهم بعضا ، و " يزفون " من وزف يزف إذا أسرع و " يزفون " من زفاه إذا حداه كأن بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم إليه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

التعقيب في قوله : { فأقبلوا إليه } تعقيب نسبي وجاءه المرسلون إليه مسرعين { يزفون } أي يعْدون ، والزَّف : الإِسراع في الجري ، ومنه زفيف النعامة وزفها وهو عَدْوها الأول حين تنطلق .

وقرأ الجمهور { يَزِفُّونَ } بفتح الياء وكسر الزاي على أنه مضارع زفّ . وقرأه حمزة وخلف بضم الياء وكسر الزاي ، على أنه مضارع أزفّ ، أي شرعوا في الزفيف ، فالهمزة ليست للتعدية بل للدخول في الفعل ، مثل قولهم : أَدنف ، أي صار في حال الدنف ، وهو راجع إلى كون الهمزة للصيرورة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فلما رجعوا من عيدهم، {فأقبلوا إليه يزفون} يمشون إلى إبراهيم يأخذونه بأيديهم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فأَقْبَلُوا إلَيْهِ يَزِفّونَ"... من قولهم: زَفّتِ النعامة، وذلك أوّل عَدْوِها، وآخر مشيها...

وقد اختف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: معناه: فأقبل قوم إبراهيم إلى إبراهيم يَجْرُون...

وقال آخرون: أقبلوا إليه يَمْشُون...

وقال آخرون: معناه: فأقبلوا يستعجلون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أصل الزّفيف كأنه المشي بسرعة على ما يسرع في المشي المرء إذا أصابه شيء أو فُعل به أمر، ظاهر هذا أنهم أقبلوا عليه وقت ما كسرها، وفعل بها ما فعل.

لكن في آية أخرى ما يدل أن إقبالهم عليه كان بعد ما خرج من عندها، وغاب. وكان بعد ذلك بزمان، ألا ترى أنهم {قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين} {قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم}؟ [الأنبياء: 59 و60] ولو كانوا أقبلوا عليه يزفّون، وهو عندها حاضر لم يحتاجوا إلى أن يقولوا: {من فعل هذا بآلهتنا} بل يقولون: إن إبراهيم فعل ذلك بها، ولا كان لقول إبراهيم {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون} [الأنبياء: 63].

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{يَزِفُّونَ} يسرعون، من زفيف النعام.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

قال الأصمعي يقال أزففت الإبل إذا حملتها على أن تزف، قال وهو سرعة الخطوة ومقاربة المشي كأنهم حملوا دوابهم على الإسراع في المشي.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فأقبلوا} ودل على أنه من مكان بعيد بقوله: {إليه يزفون}، وقراءة حمزة بالبناء للمفعول أدل على شدة الإسراع؛ لدلالتها على أنهم جاؤوا على حالة كان حاملاً يحملهم فيها على الإسراع، وقاهراً يقهرهم عليه من شدة ما في نفوسهم من الوجد.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وينتهي هذا المشهد فيليه مشهد جديد. وقد عاد القوم فاطلعوا على جذاذ الآلهة! ويختصر السياق ما يفصله في سورة أخرى من سؤالهم عمن صنع بآلهتهم هذا الصنع، واستدلالهم في النهاية على الفاعل الجريء. يختصر هذا ليقفهم وجهاً لوجه أمام إبراهيم!

(فأقبلوا إليه يزفون)..

لقد تسامعوا بالخبر، وعرفوا من الفاعل، فأقبلوا إليه يسرعون الخطى ويحدثون حوله زفيفاً.. وهم جمع كثير غاضب هائج، وهو فرد واحد. ولكنه فرد مؤمن. فرد يعرف طريقه. فرد واضح التصور لإلهه. عقيدته معروفة له محدودة. يدركها في نفسه، ويراها في الكون من حوله. فهو أقوى من هذه الكثرة الهائجة المائجة، المدخولة العقيدة، المضطربة التصور. ومن ثم يجبههم بالحق الفطري البسيط لا يبالي كثرتهم وهياجهم وزفيفهم!