التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

وقوله - تعالى - : { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطور الأيمن وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } بيان لفضائل أخرى منحها الله - تعالى - لموسى - عليه السلام - .

والطور : جبل بين مصر وقرى مدين ، الأيمن : أى الذى يلى يمين موسى .

قال الآلوسى : " والأيمن " صفة لجانب ، لقوله - تعالى - فى آية أخرى : { جَانِبِ الطور الأيمن } بالنصب . أى : نادنياه من ناحيته اليمنى ، من اليمين المقابل لليسار . والمراد به يمين موسى ، أى : الناحية التى تلى يمينه " إذ الجبل نفسه لا ميمنة له ولا ميسرة " .

ويجوز أن يكون الأيمن من اليمن وهو البركة ، وهو صفة لجانب - أيضاً - أى : من جانبه الميمون المبارك . . .

والمراد من ندائه من ذلك الجانب : ظهور كلامه - تعالى - من تلك الجهة ، والظاهر أنه - عليه السلام - إنما سمع الكلام اللفظى . . . " .

وقوله { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } أى : وقربناه تقريب تشريف وتكريم حالة مناجاته لنا ، حيث أسمعناه كلامنا ، واصطفيناه لحمل رسالتنا إلى الناس .

فقوله { نَجِيّاً } من المناجاة وهى المسارة بالكلام ، وهو حال من مفعول وقربناه ، أى : وقربنا موسى منا حال كونه مناجيا لنا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

ويبين فضل موسى بندائه من جانب الطور الأيمن [ الأيمن بالنسبة لموسى إذ ذاك ] وتقريبه إلى الله لدرجة الكلام . الكلام القريب في صورة مناجاة . ونحن لا ندري كيف كان هذا الكلام ، وكيف أدركه موسى . . أكان صوتا تسمعه الأذن أم يتلقاه الكيان الإنساني كله . ولا نعلم كيف أعد الله كيان موسى البشري لتلقي كلام الله الأزلي . . إنما نؤمن أنه كان . وهو على الله هين أن يصل مخلوقه به بطريقة من الطرق ، وهو بشر على بشريته ، وكلام الله علوي على علويته . ومن قبل كان الإنسان إنسانا بنفخة من روح الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

{ وناديناه من جانب الطور الأيمن } من ناحيته اليمنى من اليمين ، وهي التي تلي يمين موسى أو من جانبه الميمون من اليمن بأن تمثل له الكلام من تلك الجهة . { وقربناه } تقريب تشريف شبهه بمن قربه الملك لمناجاته . { نجيا } مناجيا حال من أحد الضميرين . وقيل مرتفعا من النجوة وهو الارتفاع لما روي أنه فوق السماوات حتى سمع صرير القلم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

وقوله { وناديناه } هو تكليم الله تعالى ، و { الطور } الجبل المشهور في الشام ، وقوله { الأيمن } صفة للجانب ، وكانت على يمين موسى بحسب وقوفه فيه ، وإلا فالجبل نفسه لا يمنة له ولا يسرة ولا يوصف بشيء من ذلك إلا بالاضافة الى ذي يمين ويسار ، ويحتمل أن يكون قوله { الأيمن } مأخوذاً من اليمن كأنه قال الأبرك والأسعد ، فيصح على هذا أن يكون صفة للجانب وللجبل بجملته ، وقوله ، { وقربناه نجياً } قال الجمهور هو تقريب التشريف بالكلام والنبوءة ، وقال ابن عباس : بل أدني موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام وقاله ميسرة ، وقال سعيد : أردفه جبريل ، و «النجي » ، فعيل من المناجاة وهي المسارّة بالقول ، وقال قتادة { نجياً } معناه نجا بصدقة وهذا مختل ، وإنما «النجي » المنفرد بالمناجاة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

جملة وناديناه عطف على جملة إنه كان مخلصاً فهي مثلها مستأنفة .

والنداء : الكلام الدال على طلب الإقبال ، وأصله : جهر الصوت لإسماع البعيد ، فأطلق على طلب إقبال أحد مجازاً مرسَلاً ، ومنه { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } [ الجمعة : 9 ] ، وهو مشتق من الندى بفتح النون وبالقصر وهو بُعد الصوت . ولم يسمع فعله إلاّ بصيغة المفاعلة ، وليست بحصول فعل من جانبين بل المفاعلة للمبالغة ، وتقدم عند قوله تعالى : { كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء } في سورة البقرة ( 171 ) ، وعند قوله : { ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان } في سورة آل عمران ( 193 ) .

وهذا النداء هو الكلام الموجه إليه من جانب الله تعالى . قال تعالى : { إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي } في سورة الأعراف ( 144 ) ، وتقدم تحقيق صفته هناك ، وعند قوله تعالى : { حتى يسمع كلام اللَّه } في سورة براءة ( 6 ) .

والطّور : الجبل الواقع بين بلاد الشام ومصر ، ويقال له : طور سيناء .

وجانبه : ناحيته السفلى ، ووصفه بالأيمن لأنه الذي على يمين مستقبل مشرق الشمس ، لأن جهة مشرق الشمس هي الجهة التي يضبط بها البشر النواحي .

والتقريب : أصله الجعل بمكان القرب ، وهو الدنو وهو ضد البعد . وأريد هنا القرب المجازي وهو الوحي . فقوله : { نَجِيّاً } حال من ضمير { موسى } ، وهي حال مؤكدة لمعنى التقريب .

ونجّي : فعيل بمعنى مفعول من المناجاة . وهي المحادثة السرية ؛ شُبّه الكلام الذي لم يكلم بمثله أحداً ولا أطْلَع عليه أحداً بالمناجاة . وفعيل بمعنى مفعول ، يجيء من الفعل المزيد المجرد بحذف حرف الزيادة ، مثل جليس ونديم ورضيع .