فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

{ { وناديناه } أي كلمناه في سورة القصص في قوله : { فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين { من جانب الطور الأيمن } أي من ناحيته اليمنى ، وهو جبل بين مصر ومدين اسمه زبير .

ومعنى الأيمن أنه كان ذلك الجانب عن يمين موسى حين أقبل من مدين متوجها إلى مصر فإن الشجرة كانت في ذلك الجانب والنداء وقع منها ؛وليس المراد يمين الجبل نفسه ، فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال ، وقيل معنى الأيمن الميمون ومعنى النداء أنه تمثل له الكلام من ذلك الجانب .

قال قتادة : جانب الجبل الأيمن . وهذا صريح في أن المراد بالطور هو الذي عند بيت المقدس ، لا الطور الذي عند السويس ، لأنه يكون على يسار المتوجه من مدين إلى مصر كما هو محسوس { وقربناه نجيا } أي أدنيناه بتقريب المنزلة حتى كلمناه ، والنجي بمعنى المناجي كالجليس والنديم ؛ فالتقريب هنا هو تقريب التشريف والإكرام ، مثلت حاله بحال من قربه الملك لمناجاته .

قال الزجاج : قرّبه منه في المنزلة حتى سمع مناجاته . و قيل : إن الله سبحانه رفعه حتى سمع صريف القلم ، روي هذا عن بعض السلف ، وبه قال أبو العالية ، وروي نحوه عن جماعة من التابعين قال ابن عباس حتى سمع صريف القلم يكتب في اللوح المحفوظ وأخرجه الديلمي عنه مرفوعا قال قتادة : في نجيا نجي بصدقه .