تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا} (52)

الآية 52 : وقوله تعالى : { وناديناه من جانب الطور الأيمن } فإن كان الأيمن من اليمن والبركة فيكون تأويله : وناديناه من جانب الطور المبارك الميمون{[12017]} .

وكذلك روي في الخبر أن موسى عليه السلام قال : أتاني ربي من جبل طور سيناء ، وأطلع من جبل ساعورا ، وأظهر من جبل فاران . ومعناه : أتاني وحي ربي من جبل طور سيناء ، وأطلع من جبل ساعورا ، أي أتى وحي عيسى من جبل ساعورا ، وأتى وحي محمد من جبل فاران ؛ فهو على اليمن يمن الجبل وبركته .

وقال بعضهم : هو يمين الجبل ، وقال بعضهم : يمين موسى . وقال : أبو بكر الأصم : هذا لا يعلم إلا بالخبر ، ولا نفسره أنه ماذا أراد به ؟ مخافة التغيير لأنه ذُكر في موضع الاحتجاج عليهم ، فإن زادوا ، أو نقصوا على ما في كتبهم يبطل الاحتجاج به وعليهم .

وقوله تعالى : { وقربناه نجيا } قال أهل التأويل : هو تقريب المنزلة والقدر والفضل . هذا معروف ، وهو أسلم .

{ نجيا } من المناجاة ، أي ناجاه من حيث لم يطلع على ذلك غيره{[12018]} ، وسمي موسى . فهذا لأنه أخلص نفسه لله ، وسلمها{[12019]} له ، ولذلك سمي المصلي أيضا مناجيا ربه على ما روي في الخبر : ( انظر من تناجي ) [ بنحوه الموطأ : 1/80 ] حين{[12020]} فرغ نفسه عن جميع الأشغال ، وسلمها إليه ، فسمي لذلك { نجيا } مناجيا ، والله أعلم .


[12017]:في الأصل و.م: واليمن.
[12018]:في الأصل و.م: غيرهما.
[12019]:في الأصل و.م: وسلمه.
[12020]:في الأصل و.م: حيث.