التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

ثم أفصحت عن مصدره فقالت : { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } وعن مضمونه فقالت : { وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم } وفى ذلك إشارة إلى وصفه بالكرم ، حيث اشتمل على اسم الله - تعالى - وعلى بعض صفاته ، وعلى ترك التكبر ، وعلى الدخول فى الدين الحق ، كما يدل عليه قوله - تعالى - : { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } أى : ألا تتكبروا على كما يفعل الملوك الجبابرة { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } منقادين طائعين لشريعة الله - وحده ، التى توجب عليكم إخلاص العبادة له ، دون أحد سواه ، إذ هو - سبحانه - الخالق لكل شىء ، وكل معبود سواه فهو باطل .

فالكتاب - مع إيجازه - متضمن لفنون البلاغة . ولمظاهر القوة الحكيمة العادلة ، التى اتبعها سليمان فى رسالته إلى ملكة سبأ وقومها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

15

ويسدل الستار على هذا المشهد ليرفع فإذا الملكة وقد وصل إليها الكتاب ، وهي تستشير الملأ من قومها في هذا الأمر الخطير :

قالت : يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم . إنه من سليمان ، وإنه باسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين . .

فهي تخبرهم أنه ألقي إليها كتاب . ومن هذا نرجح أنها لم تعلم من ألقى إليها الكتاب ، ولا كيف ألقاه . ولو كانت تعرف أن الهدهد هو الذي جاء به - كما تقول التفاسير - لأعلنت هذه العجيبة التي لا تقع كل يوم . ولكنها قالت بصيغة المجهول . مما يجعلنا نرجح أنها لم تعلم كيف ألقي إليها ولا من ألقاه .

وهي تصف الكتاب بأنه( كريم ) . وهذا الوصف ربما خطر لها من خاتمه أو شكله . أو من محتوياته التي أعلنت عنها للملأ : إنه من سليمان ، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين . . وهي كانت لا تعبد الله . ولكن صيت سليمان كان ذائعا في هذه الرقعة ، ولغة الكتاب التي يحكيها القرآن فيها استعلاء وحزم وجزم . مما قد يوحي إليها بهذا الوصف الذي أعلنته .

وفحوى الكتاب في غاية البساطة والقوة فهو مبدوء باسم الله الرحمن الرحيم . ومطلوب فيه أمر واحد : ألا يستكبروا على مرسله ويستعصوا ، وأن يأتوا إليه مستسلمين لله الذي يخاطبهم باسمه .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

وقوله : { أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ } : يقول{[22031]} قتادة : لا تجيروا علي { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لا تمتنعوا ولا تتكبروا علي .

{ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } : قال ابن عباس : موحدين . وقال غيره : مخلصين . وقال سفيان بن عُيَيْنَة : طائعين .


[22031]:- في ف : "قال".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

و{ ألا تعلوا عليّ } يكون هو أول كتاب سليمان ، وأنها حكاية لكلام بلقيس . قال في « الكشف » يتبين أن قوله : { إنه من سليمان } بيان لعنوان الكتاب وأن قوله : { وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } إلخ بيان لمضمون الكتاب فلا يرد سؤال كيف قدم قوله : { إنه من سليمان } على { إنه بسم الله الرحمن الرحيم } . ولم تزل نفسي غير منثلجة لهذه الوجوه في هذه الآية ويخطر ببالي أن موقع ( أَنْ ) هذه استعمال خاص في افتتاح الكلام يعتمد عليه المتكلم في أول كلامه .

وأنها المخففة من الثقيلة . وقد رأيتُ في بعض خطب النبي صلى الله عليه وسلم الافتتاح ب ( أنْ ) في ثاني خُطبة خطبها بالمدينة في « سيرة ابن إسحاق » . وذكر السهيلي : أَنَّ الحمدُ ، مضبوط بضمة على تقدير ضمير الأمر والشأن . ولكن كلامه جرى على أن حرف ( إن ) مكسور الهمزة مشدد النون . ويظهر لي أن الهمزة مفتوحة وأنه استعمال ل ( أنْ ) المخففة من الثقيلة في افتتاح الأمور المهمة وأن منه قوله تعالى : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] .

و { ألا تعلوا عليّ } نهي مستعمل في التهديد ولذلك أتبعته ملكة سبأ بقولها : { يأيها الملأ أفتوني في أمري } [ النمل : 32 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (31)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله "أَلاّ تَعْلُوا عَليّ وأْتُونِي مُسْلِمِينَ "يقول: ألقي إليّ كتاب كريم ألا تعلوا عليّ...

وعنى بقوله: "أَلاّ تَعْلُوا عَلَيّ": أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه... وقوله: "وأْتُونِي مُسْلِمِينَ" يقول: وأقبلوا إليّ مذعنين لله بالوحدانية والطاعة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وأتوني مسلمين} مخلصين لله بالتوحيد، أي اجعلوا أنفسكم سالمة لله خالصة له، لا تجعلوا لأحد سواه فيها شركا ولا حقا، لأنه أخبر أنهم كانوا يسجدون للشمس من دون الله، فتخبر في الكتاب حين افتتح ب {بسم الله الرحمن الرحيم} أن الذي يستحق السجود والعبادة، هو الله الرحمن الرحيم، لا ما تعبدون أنتم.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

و "أتوني مسلمين "فيه أربعة تأويلات: أحدها: مستسلمين، قاله الكلبي. الثاني: موحدين، قاله ابن عباس. الثالث: مخلصين، قاله زهير. الرابع: طائعين، قاله سفيان.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

لا تعلوا: لا تتكبروا كما يفعل الملوك... {مُسْلِمِينَ} منقادين أو مؤمنين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما في كتابه من الدلالة على نبوته، فسر مراده بأمر قاهر فقال: {ألا تعلوا عليّ} أي لا تمتنعوا من الإجابة لي، والإذعان لأمري، كما يفعل الملوك، بل اتركوا علوهم، لكوني داعياً إلى الله الذي أعلمت في باء البسملة بأنه لا تكون حركة ولا سكون إلا به، فيجب الخضوع له لكونه رب كل شيء {وأتوني مسلمين} أي منقادين خاضعين بما رأيتم من معجزتي في أمر الكتاب.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 30]

{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمان الرحيم* ألا تعلوا وائتوني مسلمين} ونص هذا الكتاب على وجازته يدل على أمور: 1-إنه مشتمل على إثبات الإله ووحدانيته وقدرته وكونه رحمانا رحيما. 2-نهيهم عن إتباع أهوائهم، ووجوب اتباعهم للحق. 3-أمرهم بالمجيء إليه منقادين خاضعين. وبهذا يكون الكتاب قد جمع كل ما لا بد منه في الدين والدنيا.