التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

ثم أكد - سبحانه - قطع أعذارهم وحججهم بقوله : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ القول لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .

وقوله : { وَصَّلْنَا } من الوصل الذى هو ضد القطع ، والتضعيف فيه للتكثير .

أى : ولقد أنزلنا هذا القرآن عليك - أيها الرسول الكريم - متتابعا ، وأنت أوصلته إليهم كذلك ، ليتصل تذكيرك لهم ، عن طريق ما اشتمل عليه من عقائد وآداب وأحكام وقصص .

{ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أى : ليكون ذلك أقرب إلى تذكرهم وتعقلهم وتدبرهم ، لأن استماعهم فى كل يوم . أو بين الحين والحين إلى جديد منه ، أدعى إلى تذكرهم واعتبارهم .

فالمقصود بالآية الكريمة . قطع كل حجة لهم ، وبيان أن القرآن الكريم قد أنزله - سبحانه - متتابعا ولم ينزله جملة واحدة ، لحكم من أعظمها اتصال التذكير بهداياته بين حين وآخر ، على حسب ما يجد فى المجتمع من أحداث .

وبذلك نرى الآيات الكريمة ، قد أقامت ألوانا من الحجج والبراهين ، على صدق النبى صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه ، وعلى أن هذا القرآن من عند الله ، كما حكت جانبا من شبهات المشركين ، وردت عليها بما يبطلها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

44

إن هذا النص ليقطع الطريق على المعتذرين بأنهم لم يفهموا عن هذا القرآن ، ولم يحيطوا علما بهذا الدين . فما هو إلا أن يصل إليهم ، ويعرض عليهم ، حتى تقوم الحجة ، وينقطع الجدل ، وتسقط المعذرة . فهو بذاته واضح واضح ، لا يحيد عنه إلا ذو هوى يتبع هواه ، ولا يكذب به إلا متجن يظلم نفسه ، ويظلم الحق البين ولا يستحق هدى الله . ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

ولقد انقطع عذرهم بوصول الحق إليهم ، وعرضه عليهم ، فلم يعد لهم من حجة ولا دليل . .

( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

وقوله : { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ } قال مجاهد : فصلنا لهم القول . وقال السدي : بينا لهم القول .

وقال قتادة : يقول تعالى : أخبَرَهم كيف صُنع بِمَنْ مضى وكيف هو صانع ، { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .

قال مجاهد وغيره : { وَصَّلْنَا لَهُمُ } يعني : قريشا . وهذا هو الظاهر ، لكن قال حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جَعْدَة ، عن رفاعة - رفاعة هذا هو ابن قَرَظَة القُرَظيّ ، وجعله ابن منده : رفاعة بن سموال ، خال صفية بنت حيي ، وهو الذي طلق تميمة بنت وهب التي تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير بن باطا ، كذا ذكره ابن الأثير{[22343]} - قال : نزلت { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ } في عشرة أنا أحدهم . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديثه{[22344]} .


[22343]:- أسد الغابة لابن الأثير (2/228).
[22344]:- تفسير الطبري (20/56) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (5/53) من طريق حماد بن سلمة به.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (51)

الذين وصل { لهم القول } هم قريش قاله مجاهد وغيره ، وقال أبو رفاعة القرظي : نزلت في اليهود في عشرة أنا أحدهم ذكره الطبري ، وقال الجمهور : معناه واصلنا لهم في القرآن وتابعناه موصولاً بعضه ببعض في المواعظ والزجر والدعاء إلى الإسلام ، قال الحسن وفي ذكر الأمم المهلكة وصلت لهم قصة بقصة حسب مرور الأيام ، وذهب مجاهد أن معنى { وصلنا } فصلنا أي جعلناه أوصالاً من حيث كان أنواعاً من القول في معان مختلفة ، ومعنى اتصال بعضه ببعض حاصل من جهة أخرى لكن إنما عدد عليهم هاهنا تقسيمه في أنواع من القول ، وذهب الجمهور إلى أن هذا التوصيل الذي وصل لهم القول معناه وصل المعاني من الوعظ والزجر وذكر الآخرة وغير ذلك ، وذهبت فرقة إلى أن الإشارة بتوصيل القول إنما هي إلى الألفاظ أي إلى الإعجاز ، فالمعنى { ولقد وصلنا لهم } قولاً معجزاً على نبوتك .

قال القاضي أبو محمد : والمعنى الأول تقديره { ولقد وصلنا لهم } قولاً تضمن معاني من تدبرها اهتدى ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «ولقد وصَلنا » بتخفيف الصاد ، وقوله { لعلهم يتذكرون } أي في طمع البشر ، وظاهر الأمر عندهم وبحسبهم .