وقوله : { وَدَاعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ } أى : وأرسلناك - أيضا - داعيا للناس إلى عبادة الله - تعالى - وحده ، وهذه الدعوة لهم منك كائنة بإذنه - سبحانه - وبأمره وبتيسيره .
فالتقييد بقوله { بِإِذْنِهِ } لبيان أنه صلى الله عليه وسلم لم يدع الناس إلى ما دعاهم إليه من وجوب إخلاص العبادة له - سبحانه - ، من تلقاء نفسه ، وإنما دعاهم إلى ذلك بأمر الله - تعالى - وإذنه ومشيئته ، وللإِشارة إلى أن هذه الدعوة لا تؤتى ثمارها المرجوة منها إلا إذا صاحبها إذن الله - تعالى - للنفوس بقبولها .
وقوله : { وَسِرَاجاً مُّنِيراً } معطوف على ما قبله . والسراج : المصباح الذى يستضاء به فى الظلمات .
أى : وأرسلناك - أيها الرسول الكريم - بالدين الحق ، لتكون كالسراج المنير الذى يهتدى به الضالون ، ويخرجون بسببه من الظلمات إلى النور .
ووصف السراج بالإِنارة ، لأن من المصابيح ما لا يضئ إذا لم يوجد به ما يضيئه من زيت أو ما يشبهه .
قال صاحب الكشاف : جلى الله - تعالى - بنبيه صلى الله عليه وسلم ظلمات الشرك ، فاهتدى به الضالون ، كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ويهتدى به . أو أمد الله بنور نبوته نور البصائر ، كما يمد بنور السراج نور الأبصار . ووصفه بالإِنارة لأن من السراج ما لا يضئ إذا قل سليطه - أى : زيته - ودقت فتيلته . .
( وداعيا إلى الله ) . . لا إلى دنيا ، ولا إلى مجد ، ولا إلى عزة قومية ، ولا إلى عصبية جاهلية ، ولا إلى مغنم ، ولا إلى سلطان أو جاه . ولكن داعيا إلى الله . في طريق واحد يصل إلى الله( بإذنه ) . . فما هو بمبتدع ، ولا بمتطوع ، ولا بقائل من عنده شيئا . إنما هو إذن الله له وأمره لا يتعداه . ( وسراجا منيرا ) . . يجلو الظلمات ، ويكشف الشبهات ، وينير الطريق ، نورا هادئا هاديا كالسراج المنير في الظلمات .
وهكذا كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وما جاء به من النور . جاء بالتصور الواضح البين النير لهذا الوجود ، ولعلاقة الوجود بالخالق ، ولمكان الكائن الإنساني من هذا الوجود وخالقه ، وللقيم التي يقوم عليها الوجود كله ، ويقوم عليها وجود هذا الإنسان فيه ؛ وللمنشأ والمصير ، والهدف والغاية ، والطريق والوسيلة . في قول فصل لا شبهة فيه ولا غموض . وفي أسلوب يخاطب الفطرة خطابا مباشرا وينفذ إليها من أقرب السبل وأوسع الأبواب وأعمق المسالك والدروب !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.