{ وَدَاعِياً إِلَى الله } إلى توحيده وطاعته ، وقوله «بِإِذْنِهِ » حال أي ملتبساً بتسهيله ، ولا يريد حقيقة الإذن لأنه مستفاد من «أَرْسَلْنَاكَ »{[43670]} .
قوله : «وَسِرَاجاً » يجوز أن يكون عطفاً على ما تقدم ، إما على التشبيه ، إما على حذف مضاف أي ذا سراج{[43671]} ، وجوز الفَرَّاءُ أن يكون الأصل : وتالياً سراجاً ، ويعني بالسِّراج القرآن{[43672]} ، وعلى هذا فيكون من عطف الصفات وهي لذات واحدة ، لأن التالي هو المرسل . وجوز الزمخشري أن يعطف على{[43673]} مفعول «أَرْسَلْنَاكَ » وفيه نظر لأن السراج هو القرآن ولا يوصف بالإرسال بل بالإنزال إلاَّ أن يقال : إنه حمل على المعنى كقوله :
4096 - فَعَلَفْتُهَا تِبْناً وَمَاءً بَارِداً *** [ حَتَّى شَتَتْ هَمَّالَةً عَيْنَاهَا ]{[43674]}
وأيضاً فيغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل ، وقوله : «مُنِيراً » لأنه يهتدى{[43675]} به كالسِّراج يستضاء به في الظلمة . واعلم{[43676]} أنَّ في قوله : «سِرَاجاً » ولم يقل : إنه شمس مع أن الشمس أشد إضاءة من السراج فائدةً وهي أن نور الشمس لا يؤخذ منه شيء ، والسراج يؤخذ منه أنوار كثيرة إذا انطفى الأول يبقى الذي أخذ منه وكذلك إن غاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كُلُّ صحابي كذلك سراجاً يؤخذ منه نور الهداية كما قال عليه ( الصلاة{[43677]} و ) السلام :
«أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ »{[43678]} وفي هذا الخبر لطيفة وهي أن النبي عليه ( الصلاة{[43679]} و ) السلام لم يجعل أصحابه كالسراج وجعلهم كالنجوم لأن النجم لا يؤخذ منه ( نور{[43680]} ) بل له في نفسه نور إذا غرب لا يبقى نور مستفاد منه فكذلك الصحابي إذا مات فالتابعي يستنير بنور النبي - صلى الله عليه وسلم – ولا يأخذ إلا قول النبي – عليه ( الصلاة{[43681]} و ) السلام- وعليه فأنوار المجتهدين كلهم من النبي- صلى الله عليه وسلم- ولو جعلهم كالسِّراج والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان سراجاً كان للمجتهد أن يَسْتَنِيرَ بمَنْ أراد منهم ، ويأخذ النور مِمَّن اختار وليس كذلك فإن مع نص النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُعْمَل بقول الصَّحابيِّ بل يؤخذ النور من النبي ولا يؤخذ من الصحابي ، فلم يجعله سراجاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.