{ وداعياً إلى الله } أي : إلى توحيده وطاعته ، وقوله تعالى : { بإذنه } حال أي : متلبساً بتسهيله ، ولا يريد حقيقة الإذن ؛ لأنه مستفاد من أرسلناك { وسراجاً } أي : مثله في الاهتداء به يمد البصائر فيجلي ظلمات الجهل بالعلم للمبصر لمواقع الزلل كما يمد النور الحسي نور الإبصار { منيراً } أي : نيراً على من اتبعه فيصير في أعظم ضياء ، ومن تخلف عنه كان في أشد ظلام . وعبر به دون الشمس مع أن الشمس أشد إضاءة من السراج ؛ لأن نور الشمس لا يؤخذ منه شيء ، والسراج يؤخذ منه أنوار كثيرة ، إذا انطفأ الأول يبقى الذي أخذ منه ، وكذلك إن غاب النبي صلى الله عليه وسلم كان كل صحابي سراجاً يؤخذ منه نور الهداية كما قال صلى الله عليه وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » .
قال ابن عادل : وفي هذا الخبر لطيفة : وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل أصحابه كالسرج وجعلهم كالنجوم ، لأن النجم لا يؤخذ منه نور بل له في نفسه نور إذا غرب لا يبقى نور يستفاد منه ، فكذلك الصحابي إذا مات فالتابعي يستنير بنور النبي صلى الله عليه وسلم فلا يؤخذ إلا قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله ، فأنوار المجتهدين كلهم من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو جعلهم كالسرج والنبي صلى الله عليه وسلم كان سراجاً كان للمجتهد أن يستنير بمن أراد منهم ويأخذ النور ممن اختار وليس كذلك ، فإن مع نص النبي صلى الله عليه وسلم لا يعمل بقول الصحابي ، بل يؤخذ النور من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يؤخذ من الصحابي فلم يجعله سراجاً .
تنبيه : جوز الفراء أن يكون الأصل وتالياً سراجاً ، ويعني بالسراج : القرآن ، وعلى هذا فيكون من عطف الصفات وهي الذات واحدة ؛ لأن التالي هو المرسل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.