التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ} (134)

وقوله - تعالى - : { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ ونخزى } كلام مستأنف لتقرير ما قبله من أن القرآن الكريم هو معجزة المعجزات ، وآية الآيات وأرفعها وأنفعها .

أى : ولو أنه أهلكنا هؤلاء الكافرين بعذاب الاستئصال ، من قبل مجىء الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهم ومعه هذا القرآن الكريم معجزة له ، لقالوا على سبيل الاعتذار يوم القيامة : يا ربنا هلا أرسلت إلينا فى الدنيا رسولا من عندك ومعه المعجزات التى تدل على صدقه ، فكنا فى هذه الحالة اتبعنا آياتك التى جاءنا بها وصدقناه وآمنا به ، من قبل أن يحصل لنا الذل والهوان والخزى والافتضاح فى اللآخرة .

والمقصود من الآية الكريمة قطع أعذارهم ، أى : لو أنا أهلكناهم قبل ذلك ، لقالوا ما قالوا ، ولكنا لم نهلكهم بل أرسلنا إليهم رسلونا ، فبلغهم ما أرسلناه به ، فانقطع عذرهم ، وبطلت حجتهم .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { ولولا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ} (134)

99

ولقد أعذر الله للمكذبين فأرسل إليهم خاتم المرسلين [ ص ]

( ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا : ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا ، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) . .

وهم لم يذلوا ولم يخزوا لحظة أن كان هذا النص يتلى عليهم . إنما هو تصوير لمصيرهم المحتوم . الذي يذلون فيه ويخزون : فلعلهم حينذاك قائلون : ا أرسلت إلينا رسولا . . . )فها هي ذي الحجة قد قطعت عليهم ، فلم يعد لهم من عذر ولا عذير !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ} (134)

ثم قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا } أي : لو أنا أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل{[19593]} إليهم هذا الرسول الكريم ، وننزل عليهم هذا الكتاب العظيم لكانوا قالوا : { رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا } قبل أن تهلكنا ، حتى نؤمن به ونتبعه ؟ كما قال : { فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى } ، يبين تعالى أن هؤلاء المكذبين متعنتون معاندون لا يؤمنون { وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ } [ يونس : 97 ] ، كما قال تعالى : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ } [ الأنعام : 155 - 157 ] وقال : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا } [ فاطر : 42 ] وقال : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 109 ، 110 ] .


[19593]:في ف، أ: "يرسل".