وقوله - سبحانه - : { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } تقرير للتعجب ، وتأكيد للإِنكار الصادر عنهم ، والعامل فى " إذا " مضمر لدلالة ما بعده عليه . .
أى : أحين نموت ونصير ترابا وعظاما نرجع إلى الحياة مرة أخرى ، كما يقول محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وكما يقول القرآن الذى نزل عليه .
لا ، إننا لن نبعث ولن نعود إلى الحياة مرة أخرى ، وما يخبرنا به محمد - صلى الله عليه وسلم - من أن الرجوع إلى الحياة مرة أخرى حق ، كلام بعيد عن عقولنا وأفهامنا .
فاسم الإِشارة " ذلك " يعود إلى محل النزاع وهو الرجوع إلى الحياة مرة أخرى ، والبعث بعد الموت . والرجع بمعنى الرجوع . يقال : رجعته أرجِعُه رَجْعا ورُجوعا ، بمعنى أعدته . . ومنه قوله - تعالى - : { فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ } أى : ذلك الرجوع إلى الحياة مرة أخرى بعيد عن الأفهام ، وعن العادة ، وعن الإِمكان .
ولكن أولئك القوم لم ينظروا للمسألة من هذا الجانب أصلا . إنما نظروا إليها من جانب آخر ساذج شديد السذاجة ، بعيد كل البعد عن إدراك حقيقة الحياة والموت ، وعن إدراك أي طرف من حقيقة قدرة الله . فقالوا : ( أئذا متنا وكنا ترابا ? ذلك رجع بعيد ) !
والمسألة إذن في نظرهم هي مسألة استبعاد الحياة بعد الموت والبلى . وهي نظرة ساذجة كما أسلفنا ، لأن معجزة الحياة التي حدثت مرة يمكن أن تحدث مرة أخرى . كما أن هذه المعجزة تقع أمامهم في كل لحظة ، وتحيط بهم في جنبات الكون كله . وهذا هو الجانب الذي قادهم إليه القرآن في هذه السورة .
غير أننا قبل أن نمضي مع لمسات القرآن وآياته الكونية في معرض الحياة ، نقف أمام لمسة البلى والدثور التي تتمثل في حكاية قولهم والتعليق عليه :
أإذا متنا وكنا ترابا . . . ? . . وإذن فالناس يموتون . وإذن فهم يصيرون ترابا . وكل من يقرأ حكاية قول المشركين يلتفت مباشرة إلى ذات نفسه ، وإلى غيره من الأحياء حوله . يلتفت ليتصور الموت والبلى والدثور . بل ليحس دبيب البلى في جسده وهو بعد حي فوق التراب ! وما كالموت يهز قلب الحي ، وليس كالبلى يمسه بالرجفة والارتعاش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.