الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗاۖ ذَٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِيدٞ} (3)

قوله : { أَإِذَا مِتْنَا } : قرأ العامَّةُ بالاستفهام ، وابنُ عامر في روايةٍ ، وأبو جعفر والأعمش والأعرج بهمزةٍ واحدةٍ ، فتحتملُ الاستفهامَ كالجمهورِ ، وإنما حَذَفَ الأداةَ للدلالةِ ، وتحتملُ الإِخبارَ بذلك . والناصبُ للظرفِ في قراءةِ الجمهورِ مقدرٌ أي : أنُبْعَثُ أو أَنَرْجِعُ إذا مِتْنا . وجوابُ " إذا " على قراءةِ الخبرِ محذوفٌ أي : رَجَعْنا . وقيل : قولُه : " ذلك رَجْعٌ " على حذفِ الفاءِ ، وهذا رأيُ بعضِهم . والجمهور لا يُجَوِّزُ ذلك إلاَّ في شعرٍ . وقال الزمخشريُّ : " ويجوزُ أَنْ يكونَ الرَّجْعُ بمعنى المَرْجوع هو الجوابَ ، ويكونَ مِنْ كلامِ اللَّهِ تعالى ، استبعاداً لإِنكارهم ما أُنْذِروا به من البَعْثِ . والوقفُ على ما قبلَه على هذا التفسيرِ حسنٌ " . فإنْ قلت : فما ناصبُ الظرفِ إذا كان الرَّجْعُ بمعنى المَرْجوع ؟ قلت : ما دَلَّ عليه المنذِرُ من المنذَرِ به وهو البعثُ " وأَنْحَى عليه الشيخُ في فهمِه هذا الفهمَ .