{ بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ } «بل » للإضراب عن الجواب على اختلاف الأقوال ، و «أن » في موضع نصب على تقدير : لأن جاءهم . والمعنى : بل عجب الكفار لأن جاءهم منذر منهم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتفوا بمجرّد الشك والردّ ، بل جعلوا ذلك من الأمور العجيبة ، وقيل : هو إضراب عن وصف القرآن بكونه مجيداً ، وقد تقدم تفسير هذا في سورة { ص } . ثم فسّر ما حكاه عنهم من كونهم عجبوا بقوله : { فَقَالَ الكافرون هذا شَيْء عَجِيبٌ } وفيه زيادة تصريح وإيضاح . قال قتادة : عجبهم أن دعوا إلى إله واحد ، وقيل : تعجبهم من البعث ، فيكون لفظ { هذا } إشارة إلى مبهم يفسره ما بعده من قوله : { أَءذَا مِتْنَا } إلخ ، والأوّل أولى . قال الرازي : الظاهر أن قولهم هذا إشارة إلى مجيء المنذر .
ثم قالوا : { أَءذَا مِتْنَا } وأيضاً قد وجد هاهنا بعد الاستبعاد بالاستفهام أمر يؤدي معنى التعجب ، وهو قولهم : { ذَلِكَ رَجْع بَعِيدٌ } فإنه استبعاد وهو كالتعجب ، فلو كان التعجب بقولهم : { هذا شَيْء عَجِيبٌ } عائداً إلى قولهم : { أءذا } لكان كالتكرار ، فإن قيل : التكرار الصريح يلزم من قولك هذا شيء عجيب أنه يعود إلى مجيء المنذر ، فإن تعجبهم منه علم من قولهم : وعجبوا أن جاءهم ، فقوله : { هذا شَيْء عَجِيبٌ } يكون تكراراً ، فنقول ذلك ليس بتكرار بل هو تقرير لأنه لما قال : { بل عجبوا } بصيغة الفعل وجاز أن يتعجب الإنسان مما لا يكون عجباً كقوله : { أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله } [ هود : 73 ] ويقال في العرف : لا وجه لتعجبك مما ليس بعجب ، فكأنهم لما عجبوا قيل لهم : لا معنى لتعجبكم ، فقالوا : { هذا شَيْء عَجِيبٌ } فكيف لا نعجب منه ، ويدلّ على ذلك قوله هاهنا : { فَقَالَ الكافرون } بالفاء ، فإنها تدلّ على أنه مترتب على ما تقدّم ، قرأ الجمهور { أئذا متنا } بالاستفهام . وقرأ ابن عامر في رواية عنه ، وأبو جعفر والأعمش والأعرج ، بهمزة واحدة ، فيحتمل الاستفهام كقراءة الجمهور ، وهمزة الاستفهام مقدّرة ، ويحتمل أن معناه الإخبار . والعامل في الظرف مقدّر : أي أيبعثنا ، أو أنرجع إذا متنا لدلالة ما بعده عليه ، هذا على قراءة الجمهور ، وأما على القراءة الثانية ، فجواب «إذا » محذوف : أي رجعنا ، وقيل : ذلك رجع ، والمعنى : استنكارهم للبعث بعد موتهم ومصيرهم تراباً . ثم جزموا باستبعادهم للبعث ، فقالوا : { ذلك } أي للبعث { رَجْع بَعِيدٌ } أي بعيد عن العقول أو الأفهام أو العادة أو الإمكان ، يقال : رجعته أرجعه رجعاً ورجع هو يرجع رجوعاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.