التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

ثم عدد - سبحانه - نعمه على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى . . } .

والاستفهام هنا للتقرير : واليتيم : هو من فقد أباه وهو صغير .

أى : لقد كنت - أيها الرسول الكريم - يتيما ، حيث مات أبوك وأنت فى بطن أمك ، فآواك الله - تعالى - بفضله وكرمه ، وتعهدك برعايته وحمايته وعصمته ، وسخر لك جدك عبد المطلب ليقوم بكفالتك ، ومن بعده سخر لك عمك أبا طالب ، حيث تولى رعايتك والدفاع عنك قبل الرسالة وبعدها ، إلى أن مات .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

وقوله : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيما فآوَى يقول تعالى ذكره معدّدا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نِعَمه عنده ، ومذكّره آلاءه قِبَلَه : ألم يجدك يا محمد ربك يتيما فآوى ، يقول : فجعل لك مَأْوًى تأوي إليه ، ومنزلاً تنزله وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم . وقال السديّ في ذلك ما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن السديّ وَوَجَدَكَ ضَالاً قال : كان على أمر قومه أربعين عاما . وقيل : عُنِي بذلك : ووجدك في قوم ضُلاّل فهداك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

ألم يجدك يتيما فآوى تعديد لما أنعم عليه تنبيها على أنه كما أحسن إليه فيما مضى يحسن إليه فيما يستقبل وإن تأخر و يجدك من الوجود بمعنى العلم و يتيما مفعولك الثاني أو المصادقة و يتيما حال .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَجِدۡكَ يَتِيمٗا فَـَٔاوَىٰ} (6)

استئناف مسوق مساق الدليل على تحقق الوعد ، أي هو وعد جار على سنن ما سبق من عناية الله بك من مبدإ نشأتك ولطفه في الشدائد باطراد بحيث لا يحتمل أن يكون ذلك من قبيل الصدف لأن شأن الصدف أن لا تتكرر فقد علم أن اطراد ذلك مراد لله تعالى .

والمقصود من هذا إيقاع اليقين في قلوب المشركين بأن ما وعده الله به محقق الوقوع قياساً على ما ذكره به من ملازمة لطفه به فيما مضى وهم لا يجهلون ذلك عسى أن يقلعوا عن العناد ويُسرعوا إلى الإيمان وإلا فإن ذلك مساءة تبقى في نفوسهم وأشباح رعب تخالج خواطرهم . ويحصل مع هذا المقصود امتنان على النبي صلى الله عليه وسلم وتقوية لاطمئنان نفسه بوعد الله تعالى إياه .

والاستفهام تقريري ، وفعل { يجدك } مضارع وجَد بمعنى ألفى وصادف ، وهوالذي يتعدى إلى مفعول واحد ومفعوله ضمير المخاطب . و { يتيماً } حال ، وكذلك { ضالاً } و { عائلاً } . والكلام تمثيل لحالة تيسير المنافع لِلذي تعسرت عليه بحالة من وجَد شخصاً في شدة يتطلع إلى من يعينه أو يغيثه .

واليتيم : الصبي الذي مات أبوه وقد كان أبو النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو جنين أو في أول المدة من ولادته .

والإيواء : مصدر أوَى إلى البيت ، إذا رجع إليه ، فالإيواء : الإِرجاع إلى المسكن ، فهمزته الأولى همزة التعدية ، أي جعله آوياً ، وقد أطلق الإِيواء على الكفالة وكفاية الحاجة مجازاً أو استعارة ، فالمعنى أنشأك على كمال الإِدراك والاستقامة وكنتَ على تربية كاملة مع أن شأن الأيتام أن ينشأوا على نقائص لأنهم لا يجدون من يُعنى بتهذيبهم وتعهدِ أحوالهم الخُلقية . وفي الحديث « أدبني ربي فأحسن تأديبي » فكان تكوين نفسه الزكية على الكمال خيراً من تربية الأبوين .