{ كَأَنَّهُنَّ } أى : هؤلاء النسوة { بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } ، أى : كأنهن كبيض النعام . الذى أخفاه الريش فى العش ، فلم تمسه الأيدى ، ولم يصبه الغبار ، فى صفاء البشرة ، ونقاء الجسد .
وشبههن ببيض النعام ، لأن لونه مع بياضه وصفائه يخالطه شئ من الصرة وهو لون محبوب فى النساء عند العرب ولذا قالوا فى النساء الجميلات : بيضات الخدور .
وإلى هنا تجد الآيات الكريمة قد بشرت عباد الله المخلصيو . بالعطاء المتنوع الجزيل ، الذى تنشرح له الصدور ، وتقر به العيون ، وتبتهج له النفوس .
وقوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ اختلف أهل التأويل في الذي به شبهن من البيض بهذا القول ، فقال بعضهم : شبهن ببطن البيض في البياض ، وهو الذي داخل القِشْر ، وذلك أن ذلك لم يمسّه شيء . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير ، في قوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ قال : كأنهن بطْن البيض .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ قال : البيض حين يُقْشر قبل أن تمسّه الأيدي .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ لم تمرّ به الأيدي ولم تمسه ، يشبهن بياضه .
وقال آخرون : بل شبهن بالبيض الذي يحضنه الطائر ، فهو إلى الصفرة ، فشبه بياضهنّ في الصفرة بذلك . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مكْنونٌ قال : البيض الذي يُكنه الريش ، مثل بيض النعام الذي قد أكنه الريش من الريح ، فهو أبيض إلى الصّفْرة فكأنه يُبرُقُ ، فذلك المكنون .
وقال آخرون : بل عنى بالبيض في هذا الموضع : اللؤلؤ ، وبه شبهن في بياضه وصفائه . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ يقول : اللؤلؤ المكنون .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال : شبهن في بياضهن ، وأنهنّ لم يمسّهنّ قبل أزواجهنّ إنس ولا جانّ ببياض البيض الذي هو داخل القشر ، وذلك هو الجلدة المُلْبَسة المُحّ قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها ، وذلك لا شكّ هو المكنون فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها ، والأيدي تباشرها ، والعُشّ يلقاها . والعرب تقول لكلّ مصون مكنون ما كان ذلك الشيء لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا ، كما قال أبو دَهْبَل :
وَهْيَ زَهْرَاءُ مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ الغَوّا *** صِ مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ
وتقول لكلّ شيء أضمرته الصدور : أكنته ، فهو مُكنّ . وبنحو الذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : حدثنا محمد بن الفرج الصّدَفي الدّمياطيّ ، عن عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة ، عن هشام ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أمّ سلمة قلتُ : يا رسول الله أخبرني عن قوله كأنّهُنّ بَيْضٌ مَكْنُون قال : «رِقّتُهُنّ كَرِقّةِ الجِلْدَةِ التي رأيْتَها فِي داخِلِ البَيْضَة التي تَلِي القِشْرَ وَهِيَ الغِرْقيءُ » .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم شبههن ببياض البيض الذي الصفرة في جوفه، فقال: {كأنهن بيض مكنون}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ" اختلف أهل التأويل في الذي به شبهن من البيض بهذا القول؛ فقال بعضهم: شبهن ببطن البيض في البياض، وهو الذي داخل القِشْر، وذلك أن ذلك لم يمسّه شيء... عن السديّ "كأنّهُنّ بَيضٌ مَكْنُونٌ "قال: البيض حين يُقْشر قبل أن تمسّه الأيدي...
وقال آخرون: بل شبهن بالبيض الذي يحضنه الطائر، فهو إلى الصفرة، فشبه بياضهنّ في الصفرة بذلك... قال ابن زيد، في قوله: "كأنّهُنّ بَيضٌ مكْنونٌ" قال: البيض الذي يُكنه الريش، مثل بيض النعام الذي قد أكنه الريش من الريح، فهو أبيض إلى الصّفْرة فكأنه يُبرُقُ، فذلك المكنون.
وقال آخرون: بل عنى بالبيض في هذا الموضع: اللؤلؤ، وبه شبهن في بياضه وصفائه...
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: شبهن في بياضهن، وأنهنّ لم يمسّهنّ قبل أزواجهنّ إنس ولا جانّ ببياض البيض الذي هو داخل القشر، وذلك هو الجلدة المُلْبَسة المُحّ قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها، وذلك لا شكّ هو المكنون فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها، والأيدي تباشرها، والعُشّ يلقاها. والعرب تقول لكلّ مصون مكنون، ما كان ذلك الشيء لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا... وتقول لكلّ شيء أضمرته الصدور: أكنته، فهو مُكنّ.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
مستور، لا يصيبه مطر ولا ريح ولا غبار ولا شمس ولا شيء مما يصيب في الدنيا، وقال بعضهم: البيض المكنون وهو المصون، هو وصفهن بالصّون والصيانة كقوله: {حور مقصورات في الخيام} [الرحمان: 72].
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي 516 هـ :
هذا أحسن الألوان، أن تكون المرأة بيضاء مشربة صفرة، والعرب تشبهها ببيضة.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وصفهن بترافة الأبدان بأحسن الألوان.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وهن كذلك مصونات مع رقة ولطف ونعومة: (كأنهن بيض مكنون).. لا تبتذله الأيدي ولا العيون!
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
البَيْض المكنون: هو بيض النعام، والنعام يُكنّ بيضَه في حُفر في الرمل ويفرش لها من دقيق ريشه، وتسمى تلك الحُفر: الأَداحِيَّ، واحدتها أُدّحية بوزن أُثفية، فيكون البَيض شديد لمعان اللون وهو أبيض مشوب بياضه بصفرة، وذلك اللون أحسن ألوان النساء، وقديماً شبهوا الحسان بِبيض النعام.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
آخر آية في بحثنا هذا تعطينا وصفاً آخر لزوجات الجنّة، إذ توضّح طهارتهنّ وقداستهن من خلال هذه العبارة (كأنّهنّ بيض مكنون) أي إنّهن نظيفات وظريفات إنّ (عباد الله المخلصين) والذين وصلوا في علومهم وإيمانهم إلى مرحلة الكمال، أعزّاء عند الله، ويشملهم اللطف الإلهي بصورة غير محدودة، ومهما تصوّرنا علو مقامهم، فإنّهم أفضل وأعلى من ذلك.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.