التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَأُدۡخِلَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡۖ تَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٌ} (23)

وبعد هذا الحديث عن سوء عاقبة الكافرين . . بين - سبحانه ما أعده للمؤمنين من ثواب جزيل ، وأجر عظيم فقال - تعالى - :

{ وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } .

أى : وأدخل الله - تعالى - فى هذا اليوم ، وهو يوم القيامة ، الذين آمنوا بكل ما يجب الإِيمان به ، وعملوا الأعمال الصالحة ، أدخلهم - سبحانه - جنات تجرى تجرى من تحت ثمارها وأشجارها الأنهار ، حالة كونهم خالدين فيها خلودا أبديا لاموت معه ولا تعب .

وجاء التعبير بصيغة الماضى لتحقيق الوقوع ، وتعجيل البشارة ، وقوله ، { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أى : بإرادته - سبحانه - وتوفيقه وهدايته لهم .

وقوله { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أى : تحيتهم فى الجنة سلام لهم من خالقهم - عز وجل - ومن الملائكة ، ومن بعضم لبعض .

كما قال - تعالى - : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } وكما قال - تعالى - : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ . سَلاَمٌ عَلَيْكُم . . . } وكما قال - سبحانه - : { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } وبذلك نرى الآيات الكريمة قد بينت بأبلغ أسلوب بوار أعمال الذين كفروا ، وسوء أحوالهم يوم القيامة ، كما بينت حسن عاقبة المؤمنين ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة .