المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَأُدۡخِلَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡۖ تَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٌ} (23)

وقرأ الجمهور «وأُدخلَ » على بناء الفعل للمفعول ، وقرأ الحسن : «وأُدخِلُ » على فعل المتكلم ، أي يقولها الله عز وجل{[7059]} ، وقوله : { من تحتها } أي من تحت ما علا منها ، كالغرف والمباني والأشجار وغيره . و «الخلود » في هذه الآية على بابه في الدوام ، و «الإذن » هنا عبارة عن القضاء والإمضاء ، وقوله : { تحيتهم } مصدر مضاف إلى الضمير ، فجائز أن يكون الضمير للمفعول أي تحييهم الملائكة ، وجائز أن يكون الضمير للفاعل ، أي يحيي بعضهم بعضاً .

و { تحيتهم } رفع بالابتداء ، و { سلام } ابتداء ثان ، وخبره محذوف تقديره عليكم ، والجملة خبر الأول ، والجميع في موضع الحال من المضمرين في { خالدين } أو يكون صفة ل { جنات } .


[7059]:تثير هذه القراءة سؤالا هو: فبم يتعلق قوله تعالى: {بإذن ربهم}؟ لأن قوله: "أدخلهم أنا بإذن ربهم" كلام غير ملتئم، وكان الظاهر أن يقال:أدخلهم بإذني. وحاول الزمخشري أن يجيب عن ذلك فقال: "الوجه في هذه القراءة أن يتعلق قوله: {بإذن ربهم} بما بعده، أي: {تحيتهم فيها سلام} بإذن ربهم، يعني أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم". وقال أبو حيان الأندلسي: "معنى كلام الزمخشري أن قوله {بإذن ربهم} معمول لقوله: [تحيتهم]، ولذلك قال: "إن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم"، وهذا لا يجوز، لأن فيه تقديم معمول المصدر المنحل بالفعل وبحرف مصدري عليه، وهو غير جائز".