قوله تعالى : { وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } الآية لما شرح حال الأشقياء شرح أحوال السُّعداءِ فقال -عزَّ وجلَّ- { وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ } قرأ العامة " أدْخِلَ " ماضياً مبنياً للمفعول ، والفاعل الله أو الملائكة .
وقرأ الحسن{[19251]} وعمرو بن عبيد : " أدخلُ " مضارعاً مستنداً للمتكلم وهو الله -تعالى- فمحل الموصول على الأولى رفع ، وعلى الثانية نصبٌ .
قوله : { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } في قراءة العامة يتعلق ب " أدْخِلَ " أي : أدخلوا بأمره ، وتيسيره .
ويجوز تعلقه بمحذوف على أنَّه حال ، أي : ملتبسين بأمر ربهم .
وجوز أبو البقاء{[19252]} ِأن يكون من تمام : " خَالِدينَ " يعني : أنه متعلق به ، وليس بممتنع ، وكذا على قراءة الشَّيخين .
فقال الزمخشريُّ : فإن قلت : " فَبِمَ يتعلَّق في القراءةِ الأخرى ، وقولك : وأدخل أنا بإذن ربهم كلام غير ملتئم ؟ .
قلت : الوجه في هذه القراءة أنَّه يتعلق بما بعده ، أي : تحيتهم فيها سلام بإذنِ ربهم " .
ورد عليه أبو حيَّان{[19253]} هذا بأنه لا يتقدم معمول المصدر عليه .
وقد علقه غير الزمخشريِّ ب " أدْخِلَ " ، ولا تنافر في ذلك ؛ لأنَّ كلَّ أحد يعلم أنَّ المتكلم في قوله : " وأدْخِلَ " أنه هو الله -تعالى- .
وأحسن من هذين أن يتعلق بما بعده ، أي : تحيتهم فيها سلامٌ بإذن ربهم ورد في هذه القراءة بمحذوف على أنَّه حال كما تقدَّم تقديره .
و " تَحِيَّتُهُمْ " مصدر مضاف لمفعوله ، أي : يحييهم الله تعالى ، أو ملائكته ، ويجوز أن يكون مضافاً لفاعله ، أي : يحيى بعضهم بعضاً .
ويعضد الأول { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم } و{ فِيهَا } [ الرعد : 23 ، 24 ] متعلق به .
اعلم أنَّ الثَّواب منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم ، فأشار بقوله تعالى : { وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } إلى المنفعة الخالصة وأشار بقوله : { خَالِدِينَ فِيهَا } إلى دوامها ، وأشار إلى كونها مقرونة بالتعظيم بقوله { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي : بإذن الله وأمره ، وبقوله -عزَّ وجلَّ- { وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } [ يونس : 10 ] أي : أنهم يحيى بعضهم بعضاً بهذه الكلمة ، أو الملائكة يحيونهم بها ، كما قال تعالى : { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 23 ، 24 ] والرَّب الرحيم أيضاً يحييهم [ بهذه الكلمة ]{[19254]} { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] والسلام مشتق من السلامة ، أي : أنهم سلموا من آفات الدنيا آمنوا من أمراضها وأسقامها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.