البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأُدۡخِلَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡۖ تَحِيَّتُهُمۡ فِيهَا سَلَٰمٌ} (23)

لما جمع الفريقين في قوله : { وبرزوا لله جميعاً } وذكر شيئاً من أحوال الكفار ، ذكر ما آل إليه أمر المؤمنين من إدخالهم الجنة .

وقرأ الجمهور : وأدخل ماضيا مبنياً للمفعول .

وقرأ الحسن ، وعمرو بن عبيد : وأدخل بهمزة المتكلم مضارع أدخل أي : وأدخل أنا .

وعلى قراءة الجمهور يحتمل أن يكون الفاعل الملائكة ، والظاهر تعلق بإذن ربهم بأدخل .

وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فبم يتعلق يعني بإذن ربهم في القراءة الأخرى ، وقولك وأدخلهم أنا بإذن ربهم كلام غير ملئتم ؟ ( قلت ) : الوجه في هذه القراءة أن يتعلق قوله بإذن ربهم بما بعده أي : تحيتهم فيها سلام .

بإذن ربهم يعني : أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم انتهى .

فظاهر كلامه أنّ بإذن ربهم معمول لقوله : تحيتهم ، ولذلك قال : يعني أنّ الملائكة يحيونهم بإذن ربهم ، وهذا لا يجوز ، لأن فيه تقديم معمول المصدر المنحل بحرف مصدري والفعل عليه ، وهو غير جائز .

وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الحسن : أدخل برفع اللام على الاستقبال بإخبار الله تعالى عن نفسه ، فيصير بذلك بإذن ربهم ألطف لهم وأحنى عليهم ، وتقدم تفسير { تحيتهم فيها سلام } في أوائل سورة يونس .