التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{۞أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (60)

وقوله - تعالى - بعد ذلك : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يابني ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشيطان } من جملة ما يقال لهم - أيضا - على سبيل التقريع والتوبيخ .

والعهد بالشئ : الوصية به ، والمراد به هنا : وصية الله - تعالى - للناس على ألسنة رسله ، أن يخلصوا له العبادة والطاعة ، وأن يخالفوا ، ما يوسوس لهم به الشيطان من شرك ومعصية .

قال الآلوسى : والمراد بالعهد هنا . ما كان منه - تعالى - على ألسنة الرسل - عليهم السلام - من الأوامر والنواهى التى من جملتها قوله - تعالى - { يابني ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الجنة . . } وقيل : هو الميثاق المأخوذ عليهم فى عالم الذر ، إذ قال - سبحانه - { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى . . . } وقيل : هو ما نصب لهم من الحجج العقلية والسمعية الآمرة بعبادة الله - تعالى - الزاجرة عن عبادة غيره .

. .

والمراد بعبادة الشيطان : طاعته فيما يوسوس به إليهم ، ويزينه لهم ، عبر عنها بالعبادة لزيادة التحذير والتنفير عنها .

والمعنى : لقد عهدت إليكم - يا بنى آدم - عهدا مؤكد على ألسنة رسلى ، أن لا تعبدوا الشيطان وأن لا تستمعوا لوسوسته ، وأن لا تتبعوا خطواته ، لأنه لكم عدو ظاهر العداوة ، بحيث لا تخفى عداوته على أحد من العقلاء .

فجملة { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } تعليل لوجوب الانتهاء عن طاعة الشيطان .