{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ( 60 ) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ( 61 ) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ( 62 ) } .
ألم أعهد إليكم : العهد : الوصية وعرض ما فيه خير ومنفعة .
عبادة الشيطان : يراد بها عبادة غير الله من الآلهة الباطلة ، وأضيفت إلى الشيطان لأنه الآمر بها ، والمزين لها .
60 { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } .
تحدث القرآن طويلا عن خلافة الإنسان في الأرض ، وعن خلق آدم وإسكانه الجنة ، وإباحة الأكل له من ثمار الجنة جميعها ما عدا شجرة واحدة ، ثم إغواء الشيطان لآدم وحواء ، وأكلهما من الشجرة ، وخروجهما من الجنة ، وتنبيه الله لبني آدم ، وتحذيرهم من طاعة الشيطان ، الذي أخرج آدم من الجنة ، واستمرّ في عداوته لأبناء آدم والتزيين والفتنة ، رغبة في غواية الإنسان .
قال تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ . . . } [ الأعراف : 27 ] .
وقال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ فاطر : 6 ] .
فالله تعالى بيّن في كتبه المنزَّلة ، وعلى لسان الرسل المرسلة ، جِدّ الشيطان في إغواء الإنسان كما بين القرآن أن كيد الشيطان كان ضعيفا ، فإذا استعان الإنسان بالله ، واستعان بالله من الشيطان الرجيم . أعانه الله ونصره .
قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } [ الأعراف : 201 ] .
وقال سبحانه : { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 100 ، 99 ] .
وقد ورد تحذيرنا من الشيطان في مواضع عديدة من القرآن الكريم ، وفي سورتي الفلق والناس استعاذة ، أي : تحصّن واستعانة بالله ، والتجاء إليه ، ليحفظنا من وسوسة الشيطان .
وفي موقف القيامة يذكّر الله الناس بما أنزله في كتبه وعلى لسان رسله ، بعدم عبادة الشيطان أي بعدم طاعته والسير وراء وسوسته وتزيينه ، بعبادة آلهة أخرى غير الله ، كالأصنام والأوثان والجاه والسلطان والهوى ، والمرأة والمظهر والدينار والدرهم .
وفي صحيح البخاري : " تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد المرأة ، تعس عبد الخميصة ، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعت رأسه ، مغبرة قدماه ، إن كان في الساقة ففي الساقة ، وإن كان في المقدمة ففي المقدمة ، وإن استأذن لم يؤذن له " 25 .
وذكر بعض المفسرين أن العهد المذكور في الآية هو الميثاق المأخوذ على بني آدم في عالم الذرّ ، والمشار إليه بقوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا . . } [ الأعراف : 172 ] .
وفسر بعضهم عهد : { ألست بربكم } .
بأن الله أودع في الفطرة والعقول ، والأفهام والأفئدة والقلوب ، ما لو تأملت في هذا الكون وما فيه ، وفي الدنيا وما فيها ، وفي المخلوقات ونظام الليل والنهار ، وسير الشمس والقمر ، وحركة الأرض والسماء والفضاء وسائر الأشياء ، لو تأمّلت بفطرتها ومواهبها وعقولها لاهتدت إلى طاعة الرحمان والفرار من طاعة الشيطان .
ألم أوصكم يا بني آدم ، وأنزل إليكم هدى السماء ، وأنصحكم بعدم عبادة الشيطان وعدم طاعته ، ولأنه لكم عدو بالغ العداوة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.