التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{۞أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (60)

قوله : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } ذلك تقريع من الله لهؤلاء المجرمين الخاسرين . و { أَعْهَدْ } من العهد وهو الوصية . وعهد إليه أي أوصاه . وعهدُ اللهِ إليهم ، ما نَصَبَهُ لهم من الحجج العقلية والسمعية التي تأمر بعبادته دون سواه ، والزاجرة عن عبادة الشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ } الشيطان عدو للإنسان ، سواء في ذلك شيطان الجن وهو الكائن الخفي المستور الذي لا يراه البشر بحاسة البصر . وهو كائن شقي آيِسٌ من فضل الله ، مبعد من رحمته . وهو على الدوام يوحي للإنسان بوساوسه الخفية فيزيّن له الكفر والمعاصي . وكذلك شيطا الإنس وهو كنود ومنكود وأثيم يجهدُ بغير انقطاع منن أجل إضلال الإنسان وإفساده فيزين له الشرك وفعل المنكرات والرذائل .

وينفِّرُه تنفيرا من الإيمان الصحيح وفعل الصالحات لينأى به بذلك عن الهداية والاستقامة والخير فيبوء معه بالخسران ثم يهويان معا في جهنم . لا جرم أن الشيطان على اختلاف صوره عدو ماكر وخبيث للإنسان وهو ظاهر مستبين يعرفه كل ذي عقل .