الآية 60 وقوله تعالى : { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان } يخرّج على وجوه ثلاثة :
أحدها : عهد خلقة وبيّنة ، إذ قد جعل الله تعالى في خلقة كل أحد بيّنة{[17524]} تشهد على وحدانيته ، وجعل العبادة له ، وصرفها{[17525]} عمن دونه ، فنقضوا ذلك العهد ، وصرفوا العبادة إلى غيره والألوهية .
والثاني : ما أخذ عليهم من العهد على ألسن الرسل والأنبياء من الأمر والنهي .
والثالث : ما جعل فيهم من الحاجات والشهوات التي يحملهم قضاؤها من عنده على صرف العبادة إليه والشكر له على نعمائه وجعل الألوهية له ، ويمنعهم صرفها إلى غيره وجعلها لمن دونه ، فنقضوا ذلك كله ، وتركوه .
فإن قيل : ذكر عبادة الشيطان ، ولا أحد يقصد قصد عبادة الشيطان ، ولا يعبده ، بل كل ينفر{[17526]} عن عبادته ، ويهرب منه [ قيل : إن هذا ]{[17527]} يخرّج على وجهين :
أحدهما : يحتمل أنه يريد من الشيطان المردة من الكفرة والأئمة منهم ، الذين صرفوهم عن عبادة الله ، سمّوا شيطانا لما بعّدوا عن رحمة الله ، شطن أي بعُد كقوله : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا } [ الأنعام : 112 ] .
والثاني : نسب تلك العبادة إلى الشيطان ، وأضافها إليه ، وإن كانوا هم لا يقصدون بعبادتهم الشيطان لما بأمره يعبدون [ ما يعبدون ]{[17528]} من الأصنام ، فنسب إليه الأمر ، أو لما كان منه بداية الأمر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إنه لكن عدوٌّ مبين } عداوته لنا ظاهرة بيّنة في كل شيء حتى في المأكل والمشرب والملبس كقوله /448-أ/ { فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ورى عنهما } الآية [ الأعراب : 20 ] فهو يريد أن يوقعنا ، فهو عدوّ لنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.