فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (60)

ثم وبخهم سبحانه وقوعهم بقول : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَلا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ؟ } وهذا من جملة ما يقال لهم ، والعهد الوصية والتقدم بأمر فيه خير ومنفعة ، والمراد هنا : ما كلفهم الله به على ألسنة الرسل من الأوامر والنواهي ، أي ألم أوصكم وأبلغكم على ألسن رسلي أن لا تطيعوا الشيطان .

قال الزجاج : المعنى ألم أتقدم إليكم على لسان الرسل يا بني آدم ، وقال مقاتل : يعني الذين أمروا بالاعتزال ، وقيل : المراد بالعهد هنا الميثاق المأخوذ عليهم حين أخرجوا من ظهر آدم ، وقيل : هو ما نصبه الله لهم وركزه فيهم من الدلائل العقلية التي في سمواته وأرضه وما أنزل عليهم من أدلة السمع .

وعبادة الشيطان طاعته فيما يوسوس به إليهم ويزينه لهم وإنما عبر عنها بالعبادة لزيادة التحذير والتنفير عنها ولوقوعها في مقابلة عبادة الله .

وجملة : { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } تعليل لما قبلها من النهي عن طاعة الشيطان وقبول وسوسته