التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{إِذِ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَٰقِهِمۡ وَٱلسَّلَٰسِلُ يُسۡحَبُونَ} (71)

ثم فصل - سبحانه - هذا الوعيد ، وبين ما أعده لهم من عذاب فقال : { إِذِ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ والسلاسل يُسْحَبُونَ . فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ }

و " إذ " هنا ظرف بمعنى " إذا " وهو متعلق بيعلمون ، وعبر - سبحانه - بالظرف الدال على المضى ، للدلالة على تحقق الخبر ، حتى لكأن العذاب قد نزل بهم فعلا .

والأغلال : جمع غل - بضم الغين - وهو القيد يوضع فى اليد والعنق فيجمعهما .

والسلاسل : جمع سلسلة ، وهى ما يربط بها الجانى على سبيل الإِذلال له .

والحميم : الماء البالغ أقصى درجات الحرارة .

ويسجرون : مأخوذ من سجر التنور ، إذا ملأه بالوقود .

والمعنى : فسوف يعلمون سوء عاقبة تكذيبهم وجدالهم بالباطل يوم القيامة ، وقت أن توضع الأغلال والقيود فى أعناقهم ، ثم يسحبون ويجرون إلى الحميم بعنف وإهانة ، ثم يلقى بهم فى النار التى تمتلئ بهم ، ويكونون وقودا لها .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : وهل قوله : { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . إِذِ الأغلال . . } إلا مثل قولك : سوف أصوم أمس ؟

قلت : المعنى على إذا ، إلا أن الأمور المستقبلة لما كانت فى أخبارك الله - تعالى - متيقنة مقطوعا بها ، عبر عنها بلفظ ما كان ووجد . والمعنى على الاستقبال . .