وقوله سبحانه : { وَأَنَّ إلى رَبِّكَ المنتهى } أي : مُنْتَهَى الخلق ومصيرُهم ، اللَّهمَّ أطلعنا على خيرك بفضلك ، ولا تفضحْنا بين خلقك ، وجُدْ علينا بسترك في الدارين وَحُقَّ لعبد يعلم أَنَّه إلى ربه منتهاه ؛ أَنْ يرفض هواه ؛ ويزهدَ في دنياه ، ويُقْبِلَ بقلبه على مولاه ؛ ويقتدي بنبيٍّ فَضَّلَهُ اللَّهُ على خلقه وارتضاه ؛ ويتأمل كيف كان زهده صلى الله عليه وسلم في دنياه ؛ وإِقباله على مولاه ؛ قال عياض في «شفاه » : وأما زُهْدُهُ صلى الله عليه وسلم ، فقد قدمنا من الأخبار أثناء هذه السيرة ما يكفي ، وحَسْبُكَ من تقلُّله منها وإِعراضِهِ عَنْهَا وعن زَهْرَتِها ، وقد سِيقَتْ إليه بحذافيرها ، وترادفَتْ عليه فُتُوحَاتُهَا أَنَّهُ تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم ودِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ ، وهو يدعو ، ويقول : «اللَّهُمَّ اجعل رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً » .
وفي «صحيح مسلم » عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت : " ما شَبِعَ آلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعاً حتى مضى لِسَبِيلِهِ " . وعنها رضي اللَّه عنها قالت : " لَمْ يَمْتَلِئ جَوْفُ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِبَعاً قَطُّ ، وَلَمْ يَبُثَّ شكوى إلى أَحَدٍ ، وَكَانَتِ الْفَاقَةُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنَ الغنى ، وَإِنْ كَانَ لَيَظَلُّ جَائِعاً يَلْتَوِي طُولَ لَيْلَتِهِ مِنَ الْجُوعِ ، فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ صِيَامَ يَوْمِهِ ، وَلَوْ شَاءَ سَأَلَ رَبَّهُ جَمِيعَ كُنُوزِ الأَرْضِ وَثِمَارِهَا وَرَغْدِ عَيْشِهَا ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَبْكِي لَهُ ؛ رَحْمَةً مِمَّا أرى بِهِ ، وَأَمْسَحُ بِيَدِي على بَطْنِهِ مِمَّا بِهِ مِنَ الْجُوعِ ، وَأَقُولُ : نَفْسِ لَكَ الْفِدَاءُ لَوْ تَبَلَّغْتَ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا يَقُوتُكَ ! فَيَقُولُ : يَا عَائِشَةُ ، مَا لِي وَلِلدُّنْيَا إخْوَانِي مِنْ أُولي الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ صَبَرُوا على مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هذا ، فَمَضَوْا على حَالِهِمْ ، فَقَدِمُوا على رَبِّهِمْ فَأَكْرَمَ مَآبَهُمْ ، وَأَجْزَلَ ثَوَابَهُمْ ، فَأَجِدُنِي أَسْتَحِيي إنْ تَرَفَّهْتُ فِي مَعِيشَتِي أنْ يُقَصِّرَ بِي غَداً دُونَهُمْ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنَ اللُّحُوقِ بإخْوَانِي وأَخِلاَّئِي ، قَالَتْ : فَمَا أَقَامَ بَعْدُ إلاَّ أَشْهُراً حتى تُوُفِّيَ صلواتُ اللَّهُ وسَلاَمُهُ عليه " انتهى . وباقي الآية دَلالة على التوحيد واضحة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.