السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ} (42)

{ وأنّ إلى ربك } أي : المحسن إليك لا إلى غيره { المنتهى } أي : الانتهاء برجوع الخلائق ومصيرهم إليه فيجازيهم بأعمالهم وقيل : منه ابتداء المنة وإليه انتهاء الآمال ، وروى أبو هريرة مرفوعاً «تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق فإنّ الله تعالى لا يحيط به الفكر » وفي رواية «لا تتفكروا في الله فإنكم لن تقدروا قدره » .

قال القرطبي : ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم «يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله تعالى » ولقد أحسن من قال :

ولا تفكرن في ذي العلا عز وجهه *** فإنك تردى إن فعلت وتخذل

ودونك مخلوقاته فاعتبر بها *** وقل مثل ما قال الخليل المبجل

وقيل : المراد من الآية التوحيد وفي المخاطب وجهان : أحدهما : أنه عام تقديره إلى ربك أيها السامع أو العاقل والثاني : أنه خطاب مع النبيّ صلى الله عليه وسلم فعلى الأول يكون تهديداً وعلى الثاني يكون تسلية لقلب النبيّ صلى الله عليه وسلم فعلى الأول تكون اللام في المنتهى للعهد المعهود في القران وعلى الثاني تكون للعموم أي إلى ربك كل منتهى .