{ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ { 57 ) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ { 58 ) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ { 59 ) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ { 60 ) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ { 61 ) }
لما بينت الآيات الكريمة السابقة ضلال رأي الكفار ، وبطلان حسبانهم الكاذب أن ما هم فيه من ترف يعني أنهم أعز وأكرم ممن سواهم ، بينت هذه الآيات المباركة أن أهل الخشية من الملك الديان ، وأهل الصدق والإيمان ، وتوحيد المعبود ذي الجلال والإكرام ، . ويعملون الصالحات وهو في وجل وخوف أن لا يثقل بها الميزان ؛ هؤلاء المكرمون خاصة يسارعون في نيل الخيرات وهم سابقون الناس إليها ؛ إذ قد وعد الغني الوهاب عباده الصالحين بخيري العاجلة والآجلة : { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ){[2355]} وامتن الله سبحانه بجزيل ما وهبهم : { فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة . . ){[2356]} أثنى عليهم ربهم بأنهم يتهيبون سخطه وعذابه ، فهم كانوا على حذر لا يأمنون مكر الله ف { من } تعليلية وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة ، ولذلك خص به العلماء في قوله تعالى : { . . إنما يخشى الله من عباده العلماء . . ){[2357]} والثاني خوف مع اعتناء{[2358]} وأثنى عليهم ثانيا بأنهم مصدقون بالآيات القرآنية والمعجزات الكونية ، وعلامات الاقتدار الآفاقية والأنفسية .
[ وليس المراد التصديق بوجودها فقط ، فإن المعلوم بالضرورة فلا يوجب المدح ، بل التصديق بكونها دلائل موصلة إلى العرفان ، ويتبعه الإقرار اللساني ظاهرا ]{[2359]} ؛ ثم هم بمعزل دائما عن الشرك الظاهر والخفي ؛ ورابع ما أنعم الله به على هؤلاء المكرمين الفائزين : أنهم يعطون ما يعطون وقلوبهم خائفة من عدم القبول{[2360]} ، لأنهم راجعون إلى الله تعالى يوم القيامة وهو سبحانه لا يتقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ثم إن الموصولات الأربع . . عبارة عن طائفة واحدة
متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة ، لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بواحد من الأوصاف المذكورة… وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها ، وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها {[2361]} أولئك الذين بعدت منازلهم في الفضل يسابقون إلى نيل الفيض العاجل والآجل وهم سابقون إليه ، ظافرون به ، مدركونه تفضلا من ربنا الغني الكريم ، الشكور الحليم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.