فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُۥٓ ءَايَةٗ وَءَاوَيۡنَٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٖ ذَاتِ قَرَارٖ وَمَعِينٖ} (50)

{ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ { 50 ) }

كما أوجدنا عيسى ابن مريم دون أب ، وحملت به أمه الطاهرة بأمرنا من غير أن تكون ذات زوج لنجعلهما علامة على قدرتنا وأنا نخلق من نشاء بأب وبغير أب ، وبأم ودون أم ، فقد خلقنا حواء من ضلع آدم ، وخلقنا آدم من تراب فلا تمتروا في عيسى ، إذ ليس يعجزنا فعل شيء : { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ){[2339]} وصيرهما الله تعالى وضمهما إلى مكان مرتفع وهو أفضل المساكن{[2340]} جعلهما الله تعالى يأويان إليه ويسكنانه ، وكانت بقعة طيبة يستقر فيها من يعمرها لأنها كثيرة الزروع والثمار ، وذات ماء جار يعاين ؛ واختلف أين كانت تلك الربوة ؟ فقيل : بيت المقدس ، وقيل : دمشق ، وقيل : مصر ؛ وذكروا أن سبب هجرة أمه به ما كان به ما كان من عزم الملك ذلك الزمان على قتله ، فخرجت به أمه مهاجرة ، ولم يرجعا إلا بعد موت ذلك الملك الطاغية .


[2339]:سورة آل عمران. الآية 59.
[2340]:مما جاء في المأثور: "وابنوا مدائنكم مشرفة".