فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ لَعَلَّهُمۡ يَهۡتَدُونَ} (49)

{ ولقد آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ { 49 ) }

بعد أن بينت الآيات السابقات بعض أنباء رسالة موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون وملائه ، بينت هذه الآية نبأ من رسالتهما {[2332]} إلى بني إسرائيل ؛ وقسما لقد أعطينا كتابنا التوراة موسى ليكون هاديا لقومه ، ضياء للعقول والبصائر ، وذكرى لمن كان له قلب { . . وضياء وذكرا للمتقين ){[2333]} وفضلا ورأفة من رب العالمين { . . نورا وهدى للناس . . ){[2334]}{ . . هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ){[2335]} ؛ أما الذين قست قلوبهم فهيهات أن يهتدوا : { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون . ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ){[2336]} .

فهم كالدواب لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ؛ وفيهم أنزل الله تعالى قوله الحكيم : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ){[2337]} { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهو يعلمون ){[2338]} والضمير في { لعلهم } يعود على بني إسرائيل ، وإن لم يتقدم لهم في هذه السورة ذكر لأن الكلام يقتضيه ، كما عاد الضمير في قوله سبحانه : { إنا أنزلناه في ليلة القدر ) على القرآن وإن لم يجر له هناك ذكر .


[2332]:يقول القرطبي: وخص موسى بالذكر لأن التوراة أنزلت عليه في الطور، وهارون خليفة في قومه ولو قال ـ أي غير القرآن ـ ولقد آتيناهما جاز؛ كما قال: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان...) من سورة الأنبياء. من الآية 48.
[2333]:سورة الأنبياء. من الآية 48.
[2334]:سورة الأنعام. من الآية 91.
[2335]:سورة الأعراف. من الآية 154.
[2336]:سورة يونس. الآيتان: 96، 97.
[2337]:سورة الجمعة. الآية 5.
[2338]:سورة آل عمران. الآية 78.