فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَكُنُوزٖ وَمَقَامٖ كَرِيمٖ} (58)

{ لا ضير } لن يضرنا ما تفعل بنا ، فإنا ) . . لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا . . ( {[2670]} ، { إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع{[2671]}أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول{[2672]}المؤمنين } ، علم الله تعالى المؤمنين لتوهم حقائق الدنيا ويوم الدين ، وعلموا أن إلى ربنا الرجعى ، ولا يفلح إلا من تزكى ، وصدق بالحسنى ، آثروا ما يبقى على ما يفنى ، ( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا . إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى( {[2673]} فلتسمع الدنيا هذا الرشد الذي يضيء جوانب القلب والعقل ، واليسير من نوره يرد عن الضلالة والغي ، طائفة عاشوا للباطل والتخييل ، والتمويه والتضليل ، وساوموا فرعون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، وصاحوا بتأليهه في بداية سحرهم ، ومالئوا الطاغية الذي خدعهم وزعم أنه ربهم ، فقالوا : { . . بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون } تنشرح صدورهم للإسلام طرفة عين فإذا هم الحكماء العلماء ، الخشع الأتقياء ، الصابرون الأوفياء ، يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله ، ويعرضون عن ذهب فرعون ، وعما سيصب عليهم مستخفين بما يلقون ، لأنه لا يملك إلا النيل من أجسادهم ، لكن لله تعالى السرائر والعقول ، فمن حبب الله إليه الإيمان وزينه في قلبه ، فلن يزيده البلاء وإيذاء الأعداء إلا إيمانا وتسليما )ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم( {[2674]} ، وفي هذه السورة لم يرد بيان ماذا كان بين إيمان الذين سبقت لهم الحسنى وبين الأمر بالهجرة ، لكن أشير إلى عبر مما جرى في آيات من سورة الأعراف ، وقليل من آيات سورة الزخرف ، أوحى الله تعالى إلى عبده ونبيه موسى أن يخرج ويسير ليلا هو ومن آمن معه ، فإن عدوهم متبعهم ، فاستجاب موسى لأمر ربه ، وخرج ومن معه إلى حيث هدوا ، فلما علم فرعون برحيلهم سارع في حشد جنده من كافة المدائن والأقاليم ، وحرضهم ليكونوا أشد فتكا بالمسلمين ، فقال : إن هؤلاء ليسوا إلا بقية شيء خسيس


[2670]:سورة طه. من الآية72.
[2671]:نطمع إما على بابه، وإما بمعنى نستيقن، كما قيل في قول إبراهيم عليه السلام:{والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}.
[2672]:يحتمل أنهم أرادوا أول المؤمنين من أتباع فرعون، أو أول من أظهر الإيمان عند فرعون.
[2673]:سورة طه.الآيتان 72-73.
[2674]:سورة محمد عليه السلام.الآية11.