الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ} (26)

{ أولم يهد لهم } يتبين لهم صدقك { كم أهلكنا } إهلاكنا من كذب الرسل منهم وهم { يمشون في مساكنهم } إذا سافروا فيرون خراب منازلهم { إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون } آيات الله وعظاته

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ} (26)

قوله تعالى : " أولم يهد لهم " وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة وأبو زيد عن يعقوب " نهد لهم " بالنون ، فهذه قراءة بينة . النحاس : وبالياء فيها إشكال ؛ لأنه يقال : الفعل لا يخلو من فاعل ، فأين الفاعل ل " يهد " ؟ فتكلم النحويون في هذا ، فقال الفراء : " كم " في موضع رفع ب " يهد " وهذا نقض لأصول النحويين في قولهم : إن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ولا في " كم " بوجه ، أعني ما قبلها . ومذهب أبي العباس أن " يهد " يدل على الهدى . والمعنى أو لم يهد لهم الهدى . وقيل : المعنى أو لم يهد الله لهم ، فيكون معنى الياء والنون واحدا ، أي أو لم نبين لهم إهلاكنا القرون الكافرة من قبلهم . وقال الزجاج : " كم " هي موضع نصب ب " أهلكنا " . " يمشون في مساكنهم " يحتمل الضمير في " يمشون " أن يعود على الماشين في مساكن المهلكين ، أي وهؤلاء يمشون ولا يعتبرون . ويحتمل أن يعود على المهلكين فيكون حالا . والمعنى : أهلكناهم ماشين في مساكنهم . " إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون " آيات الله وعظاته فيتعظون .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ} (26)

ولما كان قد تقدم عن الكفار في هذه السورة قولان : أحدهما في التكذيب بالقرآن ، والثاني في إنكار البعث ، ودل سبحانه على{[54880]} فسادهما إلى أن ختم بذكر الآيات والبعث والفصل بين المحق والمبطل ، أتبعه استفهامين إنكاريين منشورين على القولين وختمت آية كل منهما بآخر ، فتصير الاستفهامات أربعة{[54881]} ، وفي مدخول الأول الفصل بين الفريقين في الدنيا ، فقال مهدداً : { أو لم } أي أيقولون{[54882]} عناداً لرسولنا{[54883]} : أفتراه ولم { يهد } أي يبين - كما رواه البخاري{[54884]} عن ابن عباس رضي الله عنهما { لهم كم أهلكنا } أي كثرة من أهلكناه{[54885]} .

ولما كان قرب شيء في الزمان أو المكان أدل ، بين قربهم بإدخال الجار فقال : { من قبلهم } أي لأجل معاندة الرسل { من القرون } الماضين من المعرضين عن الآيات ، ونجينا من آمن بها ، وربما{[54886]} كان قرب المكان منزلاً{[54887]} منزلة قرب الزمان لكثرة التذكير بالآثار ، والتردد خلال الديار .

ولما كان انهماكهم في الدنيا الزائلة قد شغلهم عن التفكر فيما ينفعهم عن المواعظ بالأفعال والأقوال ، أشار إلى ذلك بتصوير اطلاعهم على ما لهم من الأحوال ، بقوله : { يمشون } أي أنهم ليسوا بأهل للتفكر إلا حال المشي { في مساكنهم } لشدة ارتباطهم مع المحسوسات ، وذلك كمساكن عاد وثمود وقوم لوط ونحوهم . ولما كان في هذا أتم عبرة وأعظم عظة ، قال منبهاً عليه مؤكداً تنبيهاً على أن من لم يعتبر منكر{[54888]} لما فيه من العبر : { إن في ذلك } أي الأمر العظيم { لآيات } أي دلالات ظاهرات جداً ، مرئيات في الديار وغيرها من الآثار ، ومسموعات في الأخبار .

ولما كان السماع هو الركن الأعظم ، وكان إهلاك القرون إنما وصل إليهم بالسماع{[54889]} ، قال منكراً : { أفلا يسمعون * } أي إن أحوالهم لا يحتاج من ذكرت له في الرجوع عن الغيّ إلى غير سماعها ، فإن لم يرجع فهو ممن لا سمع له


[54880]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إلى.
[54881]:زيد من ظ وم ومد.
[54882]:من م ومد، وفي الأصل وظ: يقولون ـ بدون همزة الاستفهام.
[54883]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لرسلناه.
[54884]:راجع من صحيحه 2/74.
[54885]:في ظ ومد: أهلكنا.
[54886]:زيد من م ومد.
[54887]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: نازلا.
[54888]:في ظ: منكرا.
[54889]:زيد من ظ وم ومد.