إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ} (26)

{ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } الهمزةُ للإنكارِ والواوُ للعطفِ على منويَ يقتضيهِ المقامُ من فعل الهداية . إما من قولهم : فلانٌ يعطي في أنَّ المرادَ إيقاعُ نفسِ الفعلِ بلا ملاحظةِ المفعولِ وإمَّا بمعنى التَّبيينِ والمفعولُ محذوفٌ والفاعلُ ما دلَّ عليهِ قوله تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا } أي أغفلُوا ولم يفعلِ الهدايةَ لهم أو ولم يبيِّن لهم مآل أمرِهم كثرةُ إهلاكِنا { مِن قَبْلِهِمْ مّنَ القرون } مثلُ عادٍ وثمودٍ وقومِ لوطٍ . وقرئ نهدِ لهم بنونِ العظمةِ وقد جُوِّز أن يكونَ الفاعلُ على القراءةِ الأولى أيضاً ضميرُه تعالى فيكون قوله تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا } الخ ، استئنافاً مبيِّناً لكيفيَّةِ هدايتِه تعالى { يَمْشُونَ فِي مساكنهم } أي يمرُّون في متاجرِهم على ديارِهم وبلادِهم ويشاهدُون آثارَ هلاكِهم . والجملةُ حالٌ من ضميرِ لَهُم . وقرئ يمشُون للتَّكثيرِ { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي فيما ذُكر من كثرةِ إهلاكِنا للأممِ الخاليةِ العاتيةِ أو في مساكنِهم { لآيَاتٍ } عظيمةً في أنفسِها كثيرةً في عددِها { أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } هذه الآياتِ سماعَ تدبرٍ واتِّعاظٍ