تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ} (26)

الآية 26 وقوله تعالى : { أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم } يقول ، والله أعلم : أو لم يبين لأهل مكة ؟ أو لم يكفهم من الهداية والبيان ما أهلكنا من قبلهم من القرون { يمشون في مساكنهم } فيرون ما حل بهم ومن أهلك ومن نجا منهم ، فيقع الاعتبار لهم بمن ذكر من وجهين :

أحدهما : زعموا أن آباءهم على ما هم عليه ، وأنهم يقلدونهم في ذلك ، وأنهم أمروا بذلك .

فيخبرهم( {[16440]} ) أنكم أولاد من نجا منهم لا أولاد من أهلكوا لأنهم استؤصلوا . فلا يحتمل أن يكونوا أولاد من استؤصلوا . فدل أنهم أولاد من نجا منهم [ وإنما نجا منهم ]( {[16441]} ) المصدق لا المكذب .

فيخبرهم( {[16442]} ) أن كيف لا اتبعتم آباءكم الذين نجوا منهم ؟ وهم المصدقون دون الذين /422-ب/ أهلكوا بالتكذيب والعناد والثاني : يعتبرون ، فيعلمون أن هلاكهم واستئصالهم كان بالتكذيب والعناد مع الرسل والخلاف لهم ، فيمنعهم ما حل بهم بالتكذيب والخلاف للرسل عن تكذيب رسول الله ومجادلتهم إياه .

وقوله تعالى : { إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون } قال بعضهم : أفلا يبصرون ذلك حيث يمشون في مساكن أولئك ، ويمرون فيها . وقال بعضهم : { أفلا يسمعون } ما حدث لهم من أولئك ، وما حل بهم ، وبم نزل ذلك بهم ؟ وقال بعضهم : { أفلا يسمعون } أفلا يعقلون لماذا أهلكوا أو استؤصلوا ؟ فيمتنعوا{[16443]} عن ذلك . وقال بعضهم : { أفلا يسمعون } الوعيد الذي أوعد لهم ؟ وقيل : { أفلا يسمعون } التوحيد ؟ والله لعلم .


[16440]:في الأصل وم: فيخبر.
[16441]:من م، ساقطة من الأصل.
[16442]:في الأصل وم: فيخبر.
[16443]:في الأصل وم: فيمتنعون.