فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٍۚ أَفَلَا يَسۡمَعُونَ} (26)

{ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } أي أو لم يتبين لأهل مكة ؟ والهمزة للإنكار ، والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، أي أغفلوا ولم يتبين لهم . وقرئ : يهد بالتحتية وبالنون ، وهي واضحة ، والفاعل ما دل عليه قوله { كَمْ أَهْلَكْنَا } أي كثرة إهلاكنا ، وقال المبرد : إن الفاعل الهدى ، المدلول عليه ب { يهدي } أي أو لم يهد لهم الهدى { مِن قَبْلِهِم } حال من قوله { مِّنَ الْقُرُونِ } كعاد وثمود ، وقوم لوط ، ونحوهم .

{ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ } أي والحال أنهم يمشون في مساكن المهلكين ، ويشاهدونها ، وينظرون ما فيها من العبر ، وآثار العذاب ، ولا يعتبرون بذلك .

وقيل الضمير يعود إلى المهلكين ، والمعنى أهلكناهم حال كونهم ماشين في مساكنهم ، والأول أولى ، وقيل جملة مستأنفة بيان لوجه هدايتهم ، والمعنى يمرون في أسفارهم إلى التجارة على ديارهم وبلادهم { إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من كثرة إهلاكنا الأمم الخالية { لآيَاتٍ } عظيمة { أَفَلا يَسْمَعُونَ } ويتعظون بها .