الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَكُلِي وَٱشۡرَبِي وَقَرِّي عَيۡنٗاۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلۡبَشَرِ أَحَدٗا فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا فَلَنۡ أُكَلِّمَ ٱلۡيَوۡمَ إِنسِيّٗا} (26)

وهو معنى قوله : { فَكُلِى واشربى وَقَرّى عَيْناً } أي وطيبي نفساً ولا تغتمي وارفضي عنك ما أحزنك وأَهَمَّكِ . وقرئ و«قِرِّي » : بالكسر لغة نجد { فَإِمَّا تَرَيِنَّ } بالهمز : ابن الرومي . عن أبي عمرو : وهذا من لغة من يقول : لبأت بالحج ، وحلأت السويق ، وذلك لتآخٍ بين الهمزة وحرف اللين في الإبدال { صَوْماً } صمتاً . وفي مصحف عبد الله : صمتاً . وعن أنس بن مالك مثله . وقيل : صياماً ، إلا أنهم كانوا لا يتكلمون في صيامهم ، وقد «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومِ الصمت » ، لأنه نسخ في أمته ، أمرها الله بأن تنذر الصوم لئلا تشرع مع البشر المتهمين لها في الكلام لمعنيين ، أحدهما : أن عيسى صلوات الله عليه يكفيها الكلام بما يبريء به ساحتها . والثاني : كراهة مجادلة السفهاء ومناقلتهم . وفيه أن السكوت عن السفيه واجب . ومن أذل الناس : سفيه لم يجد مسافها . قيل : أخبرتهم بأنها نذرت الصوم بالإشارة . وقيل : سوغ لها ذلك بالنطق { إِنسِيّاً } أي أكلم الملائكة دون الإنس .