الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{كَلَّاۚ سَنَكۡتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُۥ مِنَ ٱلۡعَذَابِ مَدّٗا} (79)

{ كَلاَّ } ردع وتنبيه على الخطأ أي : هو مخطئ فيما يصوّره لنفسه ويتمناه فليرتدع عنه .

فإن قلت : كيف قيل : { سَنَكْتُبُ } بسين التسويف ، وهو كما قاله كتب من غير تأخير ، قال الله تعالى : { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ ق : 18 ] ؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : سنظهر له ونعلمه أنا كتبنا قوله ، على طريقة قوله :

إذَا مَا انْتَسَبْنَا لَمْ تَلِدْنِي لِئيمَةٌ ***

أي تبين وعلم بالانتساب أني لست بابن لئيمة . والثاني : أن المتوعد يقول للجاني : سوف أنتقم منك ، يعني أنه لا يخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان واستأخر ، فجرد ههنا لمعنى الوعيد . { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً } أي نطوّل له من العذاب ما يستأهله ونعذبه بالنوع الذي يعذب به الكفار المستهزئون . أو نزيده من العذاب ونضاعف له من المدد . يقال : مده وأمده بمعنى ، وتدل عليه قراءة عليّ بن أبي طالب : ( ونمد له ) بالضم ، وأكد ذلك بالمصدر ، وذلك من فرط غضب الله ، نعوذ به من التعرّض لما نستوجب به غضبه .