الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

{ وَإِذْ } منصوب بإضمار اذكر ، أو : وحين قال لهم ما قال كان كذا وكذا { تُؤْذُونَنِى } كانوا يؤذونه بأنواع الأذى من انتقاصه وعيبه في نفسه ، وجحود آياته ، وعصيانه فيما تعود إليهم منافعه ، وعبادتهم البقر ، وطلبهم رؤية الله جهرة ، والتكذيب الذي هو تضييع حق الله وحقه ، { وَقَد تَّعْلَمُونَ } في موضع الحال ، أي : تؤذونني عالمين علماً يقيناً { أَنِّى رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ } وقضية علمكم بذلك وموجبه تعظيمي وتوقيري ، لا أن تؤذوني وتستهينوا بي ؛ لأن من عرف الله وعظمته عظم رسوله ، علماً بأن تعظيمه في تعظيم رسوله ، ولأنّ من آذاه كان وعيد الله لاحقاً به { فَلَمَّا زَاغُواْ } عن الحق { أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ } بأن منع ألطافه عنهم { والله لاَ يَهْدِى القوم الفاسقين } لا يلطف بهم لأنهم ليسوا من أهل اللطف .

فإن قلت : ما معنى ( قد ) في قوله { قَدْ تَعْلَمُونَ } ؟ قلت : معناه التوكيد كأنه قال : وتعلمون علماً يقيناً لا شبهة لكم فيه .