اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَهۡطِيٓ أَعَزُّ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذۡتُمُوهُ وَرَآءَكُمۡ ظِهۡرِيًّاۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (92)

قوله : { يا قوم أرهطي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ الله واتخذتموه وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً }

اعمل أنَّهم لمَّا خوَّفُوه بالقتل ، وزعمُوا أنهم إنَّما تركوا قتله رعاية لجانب قومه .

قال : أنتم تزعمون أنَّكم تركتم قَتْلي إكارماً لرَهْطِي ، فالله تعالى أولى أنْ يتبع أمرهُ ، أي : حفظكم إيَّاي رعاية لأمر الله أولى من حفظكم إيَّاي رعياة لحقِّ رهطي .

قوله : { واتخذتموه } يجوزُ أن تكون المتعدية لاثنين .

أوهما : " الهاء " .

والثاني : " ظِهْرِيًّا " ويجوز أن يكون الثاني هو الظَّرفُ و " ظِهْريًّا " حالٌ ، وأن تكون المتعدية لواحدة ؛ فيكون " ظِهْرِيًّا " حالاً فقط .

ويجوز في " وَراكُم " أن يكون ظرفاً للاتخاذ ، وأن يكون حالاً من ظِهْريًّا " ، والضمير في " اتِّخَذْتُمُوهُ " يعودُ على الله ؛ لأنَّهم يجهلون صفاته ، فجعلوه أي : جعلوا أوامره ظِهْريًّا ، أي : منبوذةً وراء ظهورهم .

والظَّهْرِيُّ : هو المنسوبُ إلى " الظَّهْر " والكسر من تغييرات النسب كقولهم في النسبةِ إلى " أمْس " ، " وإمْسِيّ " بكسر الهمزة ، وإلى الدَّهْر : دُهْرِيّ بضم الدَّالِ .

وقي : الضَّميرُ يعودُ على العصيان ، أي : واتخذتم العصيان عوناً على عداوتِي ، فالظَّهْرِيُّ على هذا بمعنى المُعين المُقَوِّي .

ثم قال : { إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } أي : عالم بأحوالكم ، فلا يخفى عليه شيء منها .