قوله تعالى : { وَجَآءُوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } الآية " علَى قَمِيصهِ " في محل نصب على الحال من الدم .
قال ابو البقاء : " لأن التقدير : جاءوا بدم كذب على قيمصه " . يعنى أنه لو تأخر لكان صفة للنكرة . ورد الزمخشري هذا الوجه .
قال : فإن قلت : هل يجوز أن تكون حالاً متقدمة " .
قلت : لا ، لأن حال المجرور لا يتقدم عليه " .
وهذا الذي رد به الزمخشري أحد قولي النحاة ، قد صحح جماعة جوازه ؛ وأنشد : [ الطويل ]
3065 . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فَلنْ يَذْهَبُوا فِرغاً بِفتْلِ حِبَالِ
3066 لَئِنْ كَان بَرْدُ الماءِ هَيْمانَ صَادِياً *** إليَّ حَبِيباً إنَّها لَحبِيبُ
3067 غَافِلاً تعْرِضُ المنِيَّةُ لِلمرْءِ *** فيُدْعَى ولاتَ حِينَ إبَاءُ
وقال الحوفيُّ : " علَى قَميصِهِ " : متعلقٌّ ب " جَاءُوا " ، وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ مجيئهم لا يصلحُ أن يكُونَ على القَميصِ .
وقال الزمخشري : " فإن قلت : " عَلى قَميصِهِ " ما محلهُ ؟ قلتُ : محلُّهُ النَّصب على [ الظَّرفيةِ ] ، كأنَّه قيل : وجاءُوا فوقَ قَميصِه بدمٍ ، كما تقولُ : جَاءُوا على جِمالهِ بأحمال " .
قال أبو حيان : ولا يُسَاعدُ المعنى على نَصْبِ " عَلَى " على الظرفية ، بمعنى : فوق لأن العامل فيه إذ ذاك " جَاءُوا " وليس الفرق ظرفاً لهم [ بل يستحيل أن يكُون ظرفاً لهم ] .
وهذا الردُّ هو الذي ردَّ به على الحوفيِّ في قوله : إنَّ " عَلَى " متعلقة ب : " جَاءُوا " .
ثمَّ قال أبو حيان رحمه الله : " وأمَّا المثالُ الذي ذكره وهو : [ جاء ] على جماله بإحمالٍ ، فيمكنُ أن يكون ظرفاً للجانئي ؛ لأنَّه تمكن الظرف فيه باعتبار تبدُّلهِ من حمل إلى حمل ، ويكُونُ " بأحْمالٍ " في موضع الحالِ ، أي : مصحوباً بأحمال " .
وقرأ العامَّةُ : " كَذبٍ " بالذَّال المعجمة ، وهو من الوصفِ بالمصادرِ ، فيمكنُ أن يكُون على سبيل المبالغةِ ، نحو : " رَجُلٌ عدْلٌ " .
وقال الفراء ، والمبرِّد والزجاج ، وابن الأنباريِّ : " بدمٍ كذبٍ " ، أي : مكذُوبٍ فيه ، إلا أنَّه وصف بالمصدر ، جعل نفس الدَّم كذباً ؛ للمبالغة ، قالوا : والمفعُول ، والفاعل يسميان بالمصدر ، كما يقال : ماءٌ سكبٌ ، أ ي : مسكوبٌ ، والفاعل كقوله :
{ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً } [ الملك : 30 ] ، ولما سُمِّيا بالمصدر سمي المصدرُ بهما ، فقالوا للعقل : المعقول ، وللجلد : المجلُود ، ومنه قوله تعالى : { المفتون } [ القلم : 6 ] أو على حذف مضاف ، إي : ذي كذبٍ ، ونسب فعل فاعله إليه .
وقرأ زيد بن عليٍّ : " كذِباً " بالنصب ، فاحتمل أن يكون مفعولاً من أجله ، واحتمل أن يكون مصدراً في موضع الحالِ ، وهو قليلٌ ، أعني : مجيء الحال من النكرة ، وقرأت عائشة الحسنُ [ رضي الله عنهما ] : " كّدِبٍ " بالدَّال المهملة .
قال صاحب اللَّوامحك " معناهُ : ذي كدب ، أي أثر ؛ لأنَّ الكدِبَ هو بياضٌ ، يخرج في [ أظافير الشبان ] ويؤثر فيها ، فهو كالنقش ، ويسمى ذلك البياض : الفُوف ، فيكون هذا استعارة لتأثيرة في القميص ، كتأثير ذلك في الأظافر " .
وقيل : هو الدَّمُ الكدرُ ، وقيل : الطَّريُّ ، وقيل : اليابس .
قال الشعبيُّ : قصة يوسف كلُّها في قميصه ، وذلك أنَّهم لمَّا ألقوه في الجبّ ، نزعوا قميصه ، ولطَّخوهُ بالدَّم ، وعرضوه على أبيه ، ولمَّا شهد الشَّاهدُ قال : { وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [ يوسف : 27-28 ] وقال : { اذهبوا بِقَمِيصِي هذا } [ يوسف : 93 ] ولما أتى البشيرُ إلى يعقوب بقميصه ، وألقى على وجهه ، فارتدَّ بصيراً .
قال القرطبِيُّ : " هذا مردودٌ ، فإنَّ القميص الذي جاءوا عليه بالدذَم غير القميص الذي قُدَّ ، وغيرُ القميص الذي أتى به البَشيرُ ، وقيل : إنَّ القميص الذي أتى به البَشيرُ إلى يعقوب ، فارتدَّ بصيراً هو القميص الذي قُدَّ مِنْ دُبُرٍ " .
قال بعض العلماءِ رضي الله عنهم : لمَّا أرادوا أن يجعلوا الدَّم علامة على صدقهم ؛ قرن اللهُ بهذه العلامة علامةً تعارضُهَا ، وهي سلامةٌ القميص من التَّخريقِ ، إذْ لا يمكن افتراسُ الذِّئب ليوسف ، وهو لابسٌ القميس ، ويسلمُ القميص من التَّخريق ولمَّا تأمَّل يعقوب عليه السَّلام القميص لم يجدْ فيه خرقاً ، ولا أثراً ، استدلَّ بذلك على كذبهم ، وقال لهم : تزعُمُون أن الذِّئب أكله ، ولو أكلهُ لشقَّ قميصه .
استدلَّ العلماءُ بهذه [ الآية ] في إعمال الأمارات في مسائلَ من الفقهِ كالقسامةِ وغيرها ، كما استدلَّ يعقوب عليه الصلاة والسلام ت على كذكبهم بصحَّة القميص ، فيجبُ على النَّاظر أن يلحظ الآيات ، والعلامات إذا تعارضت ، فما ترجَّح منها قضى بجانب التَّرجيحِ ، وهي قُوَّة التُّهمةِ ، [ قال ابن الربي ] ولا خلاف في الحكم بها .
قال محمد بن إسحاقَ : اشتمل فعلهم على جَرائمَ من قطعيعةٍ الرَّحم وعُقوقِ الوالدِ ، وقلَّة الرًَّأفةِ الصَّغير الذي لا ذنْبَ له ، والغدر بالأمانة ، وترك العهد ، والكذب مع أبيهم وعفا اللهُ عنهم ذلك كلَّه حتى لا ييأس العبد من رحمة الله تعالى .
قال بعضُ العلماءِ : إنَّهم عزموا على قتله ، وعصمهم الله رحمة بهم ، ولو فعلوا لهلكوا .
قوله تعالى : { بَلْ سَوَّلَتْ } قبل هذه الجملة جلمة محذوفة تقديرها : لم يأكله الذِّئب بل سوَّلت ، أي : زيَّنتْ وسهّلتْ ، قاله ابنُ عباسٍ رضي الله عنه .
والتَّسويلُ : تقدير معنى في النَّفس مع الطَّمع في إتمامه .
قال الأزهريُّ : " كأن التسويلُ تفعيلٌ من سؤال الإنسان ، وهو أمنيتُه التي يطلبها ، فتزين لطالبها الباطل وغيره " . وأصله مهموزٌ على أنَّ العرب يستثقلون فيه الهمز .
قال الزمخشري : " سوَّلتْ : سهُلتْ من السَّولِ ، وهو الاسْتْخَاءُ " .
وإذا عرفت هذا فقوله : " بَلْ " ردُّ لقولهم : " أكَلهُ الذِّبُ " كأنه قال : ليس كما تقولون ، بل سولت لكم أنفسكم أمراً في شأنه ، أي : زيَّنَتْ لكم أنفسُكم أمراً غير ما تصفون .
واختلف في السَّبب الذي عرف به كونهم كاذبين ، فقيل : عرف ذلك بسبب أنَّه كان عيرف الحسد الشَّديدَ منهم في قلوبهم ، وقيلك كان عالماً بأنه حيٌّ ، لقوله ليوسف : { وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } [ يوسف : 6 ] وذلك دليلٌ قاطعٌ على كونهم كاذبين في ذلك الوقتِ .
وقال سعيدُ بن جبيرٍ رضي الله عنه : لما جاءُوا على قميصه بدم كذب ، وما كان مُخْرّقاً ، قال : كذبتم لو أكله الذِّب لخرق قميصه . وعن السدي أنه قال : إنَّ يعقوب عليه السلام قال : إنَّ الذِّئب كان رَحِيماً ، كيف أكل لحمه ، ولم يخرقْ قميصه ؟ .
وقيل : إنه عليه الصلاة والسلام لما قال ذلك قال بعضهم : بل قتله اللصوصُ ، فقال : كيف قتلوه ، وتركوا قميصه ، وهم إلى القميص أحْوَجُ منه إلى قتله ، فلمَّا اختلفت أقوالهم ؛ عرف بذلك كذبهم .
وقال القاضي : " لعلَّ غرضهم في نزع قميصه عند إلقائه في الجبّ أن يُلطِّخوهُ بالدَّم توكيداً لصدقهم ؛ لأنَّهُ يبعدُ أن يفعلوا ذلك طمعاً في نفس القميص ، ولا بد في المعصية من أن يقرن بهذا الخذلان ، فلو خرقوه مع لطخِهِ بالدَّم ، لكان الإيهامُ أقوى ، فلما شاهد يعقوب عليه الصلاة والسلام القميص صحيحاً ؛ علم كذبهم " .
قال عند ذلك : " فصَبْرٌ جميلٌ " يَجُوز أن يكون مبتدأ ، وخبره محذوف ، أي : صبرٌ جميلٌ أمثلُ بي ، ويجوز أن يكون خبراً محذوف المبتدأ ، أي : أمري صبرٌ جميلٌ قال الخليل : الذي أفعله صبر جميل . وقال قطربٌ : معناه فصبري صبرٌ جميلٌ .
وهل يجب حذف مبتدأ هذا الخبر ، أو خبر هذا المبتدأ ؟ .
وضابطه : أن يكون مصدراً في الأصل بدلاً من اللفظ بفعله ، فعبارة بعضهم تقتضي الوُجوبَ ، وعبارةٌ آخرين تقتضي الجواز ، ومِنَ التصريح بخبر هذا النَّوع ، ولكنه في اصورةِ شعرٍ ، قوله : [ الطويل ]
3068 فقَالَتْ على اسْمِ اللهِ أمْرُكَ طاعَةٌ *** وإنْ كُنْتُ قَد كُلِّفتُ ما لَمْ أعَوَّدِ
3069 يَشْكُو إِليًَّ جَملِي طُول السُّرى *** صَبْرٌ جَميلٌ فكِلانَا مُبْتَلى
ويحتمل أن يكون مبتدأ أو خبراً كما تقدم .
وقرأ أبيّ وعيسى بن عمر : " فَصْبراً جَمِيلاً " نصباً ، ورويت عن الكسائي وكذكل هي في مصحف أنس بن مالكٍ رضي الله عنه وتخريجها على المصدر الخبري ، أي : أصبر أنا صبراً ، وهذه القراءة صعيفة إن خرجت هذا التَّخريج ؛ لأنَّ سيبويه لا ينقاس ذلك عنده ، إلاَّ في الطَّلب ، فالأولى أن يجعل التَّقديرُ : أنَّ يعقوب رجع ، وأمر نفسه ، فكأنَّه قال : اصْبرِي يا نفسُ صبراً .
وروي البيت أيضاً بالرَّفعِ ، والنَّصب على ما تقدَّم ، والأمرُ فيه ظاهرٌ .
روى الحسنُ قال : سُئل النبيٌّ صلى الله عليه وسلم عن قوله " فَصبْرٌ جميلٌ " فقال عليه الصلاة والسلام : " صَبْرٌ لا شكْوَى فيهِ ، فمَنْ بثَّ لمْ يَصْبِرْ " ، ويدلُّ على ذلك قوله : { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله } [ يوسف : 86 ] وقال مجاهدٌ " فَصبرٌ جَمِيلٌ " ، أي : من غير جزعٍ . وقال الثوريُّ : " من الصًّبْر ألاّ تُحدِّثَ بوجعك ، ولا بمُصيبتكَ " .
وقال ابنُ الخطيبِ : " وههُنا بحثٌ ، وهو أنَّ الصَّبْر على قضاءِ الله واجبٌ ، وأما الصَّبرُ على ظُلم الظَّالمِ ، فغيرُ واجبٍ ، بل الواجبُ إزالتهُ لا سيِّما في الضَّرر العائدِ إ لى الغير ، وههنا أنَّ إخوة يوسف قد ظهر كذبهم ، وخيانتهم ، فلم صبر يعقوب على ذلك ؟ ولِمَ لَمْ يبالغ في التَّفتيش ، ولا البحث عنه ، ولا السّعي في تخيص يوسف من البليّة ، والشِّدَّة إن كان حيًّا ، وفي إقامة القصاص إن صحَّ أنهم قتلوه فثبت أنَّ الصَّبرَ في هذا المقام مذموم " .
ويُقوِّي هذا السُّؤال أنَّه عليه الصلاة والسلام كان عالماً بأنه حي ؛ لأنَّهُ قال له : { وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } [ يوسف : 6 ] . الظَّاهر أنه إنَّما قال هذا الكلام من الوحي ، وإذا كان عالماً بأنَّه حيٌّ سليم ؛ فكان من الواجب أن يسعى في طلبه .
وأيضاً : فإنَّ يعقوب عليه الصلاة والسلام كان رجلاً عظيم القدر في نفسه ، وكان من بيتٍ عظيم شريفٍ ، وأهلُ العالم كانوا يعرفونه ، ويعتقدون تعظيمه ، فلو بالغ في البحث ، والطلب لظهر ذلك ، واشتهر ، ولزال وجهُ التَّلبيسِ ، فما السَّبب في أنه عليه الصلاة والسلام مع شدَّة رغبته في حضورِ يوسف ، ونهاية حبِّه له لم يطلبه مع أنَّ طلبه كان من الواجبات ؛ فثبت أنَّ هذا الصَّبر مذمومٌ عقلاً وشرعاً .
فالجواب أن نقول : إن الله سبحانه وتعالى منعه من الطَّلب تشديداً للمحنة عليه ، وتغليطاً للأمر عليه ، وأيضاً : لعلَّهُ عرف بقرائن الأحوال أنَّ أولاده أقوياء ، وأنَّهم لا يمكنونه من الطَّلب ، والفحص ، وأنَّه لو بالغ في البحثِ فربما أقدموا على إيذائه ، وأيضاً : لعلَّهن عليه الصلاة والسلام علم أنَّ الله ت تبارك وتعالى سيصون يوسف عليه الصلاة والسلام عن البلاءِ والمحنةِ ، وأن أمرهُ سيظهرُ بالآخرةِ ولم يرد هتْك ستر أولاده ، وإلقائهم في ألسنةِ النَّاس وذلك لأنَّ أحَد الولدينِ إذا ظلم أخاه ، وقع أبوه في العذابِ الشَّديدِ ؛ لأنه إذا لم ينتقمْ ؛ يحترق قلبه على الولد المظْلُوم ، وإن انتقم ، احترق قلبه على الولدِ المُنتقَم منه ، فلمَّا وقع يعقوب في هذه البلية رأى أنَّ الأصوب الصَّبرُ ، والسُّكونُ ، وتفويضُ الأَمْرِ بالكُليَّةِ إلى اللهِ تعالى .
قال ابنُ رفاعة " ينبغي لأهل الرَّاي أن يتَّهِمُوا رأيهم عند ظنّ يعقوب عليه الصلاة والسلام وهو نبيٌّ حين قال له بنوه : { إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذئب } [ يوسف : 17 ] فقال : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } [ يوسف : 18 ] فأصاب هنا ، ثمَّ لما قالوا له : { إِنَّ ابنك سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } [ يوسف : 81 ] ، قال : { بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } [ يوسف : 83 ] فلم يُصِبْ " .
قوله : " فَصْبرٌ جَميلٌ " يدل على أنَّ الصّبر قسمان :
أحدهما : جميلٌ ، والآخر : غيرُ جميلٍ ، فالصَّبرٌ الجميلُ هو : أن يعرف أنَّ مُنزِّلَ ذلك البلاء هو الله تعالى ثمَّ يعلم أنَّهُ سبحانه مالكُ المُلكِ ، ولا اعتراض على المالكِ في أنْ يتصرَّف في ملكه ، فيصيرُ استغراق قلبه في هذا المقام مانعاً من الشِّكايةِ .
وأيضاً : يعلمُ أن منزِّل هذا البلاءِ حليمٌ لا يجهلُ ، عالمٌ لا يغفلُ ، وإذَا كان كذلك ، فكان كلُّ ماصدر عنه حكمةً وصواباً ، فعند ذلك يسكتُ ولا يعترضُ .
وأمَّا الصَّبرُ غير الجميل : فهو الصَّبرُ لسائر الأغراض ، لا لأجل الرِّضا بقضاءِ الله سبحانه وتعالى والضَّابطُ في جميع الأقوال والأفعال والاعتقادات : أنه لكما كان لطلب عبودية الله تعالى كان حسناً وإلا فلا .
ثم قال : { والله المستعان على مَا تَصِفُونَ } أي : استعين بالله على الصَّبر على ما تكذبون .