قوله - تعالى- : { مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ } الآية .
" مَنْ " شرطية ، و " عَجَّلنا " جوابها ، و " ما يشاءُ " مفعولها ، و " لِمنْ نُريد " بدل بعضٍ من كلٍّ ، من الضمير في " لَهُ " بإعادة العامل ، و " لِمَنْ نُريد " تقديره : لمن نريد تعجيله له .
[ قوله : ] " ثُمَّ جَعلنَا لهُ جهنَّم " " جَعلَ " هنا تصييرية .
وقوله : " يَصْلاهَا " الجملة حال : إمَّا من الضمير في " لَهُ " وإمَّا من " جَهَنَّم " و " مَذمُوماً " حال من فاعل " يَصْلاها " قيل : وفي الكلام حذف ، وهو حذف المقابل ؛ إذ الأصل : من كان يريد العاجلة ، وسعى لها سعيها ، وهو كافرٌ لدلالةِ ما بعده عليه ، وقيل : بل الأصل : من كان يريد العاجلة بعمله للآخرة كالمنافق .
ومعنى " يَصْلاهَا " : يدخلها .
" مَذمُوماً " : مطروداً ، " مَدْحُوراً " : مُبْعَداً .
وقوله : " سَعْيَهَا " : فيه وجهان :
أحدهما : أنه مفعول به ؛ لأنَّ المعنى : وعمل لها عملها .
والثاني : أنه مصدر ، و " لهَا " أي : من أجلها .
والجملة من قوله : " وهو مُؤمِنٌ " هذه الجملة حال من فاعل " سَعَى " .
قوله تعالى : { كُلاًّ نُّمِدُّ } : " كُلاًّ " منصوب ب " نُمِدُّ " و " هؤلاء " بدل ، " وهؤلاءِ : عطف عليه ، أي : كلَّ فريق نمدُّ هؤلاء الساعين بالعاجلة ، وهؤلاء الساعين للآخرة ، وهذا تقدير جيدٌ ، وقال الزمخشري في تقديره : " كلَّ واحدٍ من الفريقين [ نُمِدُّ ] " . قال أبو حيان : " كذا قدَّره الزمخشري ، وأعربوا " هؤلاءِ " بدلاً من " كُلاًّ " ولا يصح أن يكون بدلاً مِنْ " كل " على تقدير : كلَّ واحدٍ ؛ لأنَّه إذ ذاك بدل كلٍّ من بعضٍ ، فينبغي أن يكون التقدير : كل الفريقين " .
و " مِنْ عطاءِ " متعلقٌ ب " نُمِدُّ " والعطاء اسم مصدر واقع موقع اسم المفعول .
والمحظور : الممنوعُ ، وأصله من الحظر ، وهو : جمعُ الشيء في حظيرة ، والحظيرة : ما يعمل من شجرٍ ونحوه ؛ لتأوي إليه الغنم ، والمحتظرُ : من يعمل الحظيرة .
قال القفال{[20300]} - رحمه الله - : هذه الآية داخلة في معنى قوله : { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } [ الإسراء : 13 ] : ومعناه : أن العمَّال في الدنيا قسمان :
منهم من يريد بعمله الدنيا والرياسة ، فهذا يأنف من الانقياد للأنبياء - عليه الصلاة والسلام- ، والدخول في طاعتهم ؛ خوفاً من زوال الرِّياسة عنهم ، فهذا قد جعل طائر نفسه شؤماً ؛ لأنه في قبضة الله ؛ فيؤتيه الله في الدنيا منها قدراً لا كما يشاء ذلك الإنسان ، بل كما يشاء الله .
بل إن عاقبته جهنَّم يدخلها فيصلاها بحرِّها مذموماً ملوماً ، مدحوراً مطروداً من رحمة الله .
أحدها أنَّ العقاب{[20301]} عبارة عن مضرَّة مقرونةٍ بالإهانة بشرط أن تكون دائمة خالية عن المنفعة .
وثانيها : أن من الجهَّال من إذا ساعدته الدنيا اغترَّ بها ، وظنَّ أن ذلك لأجل كرامته على الله - تعالى - فبيَّن - تعالى - بهذه الآية أن مساعدة الدنيا لا ينبغي أن يستدلَّ بها على رضا الله تعالى لأنَّ الدنيا قد تصلح مع أنَّ عاقبتها المصير إلى العذاب والإهانة ، فهذا الإنسان أعماله تشبه طائر السُّوء في لزومها له ، وكونها سائقة له إلى أشدِّ العذاب .
وثالثها : قوله : { لِمَن نُّرِيدُ } يدلُّ على أنَّه لا يحصل الفوز بالدنيا لكلِّ أحدٍ ، بل كثيرٌ من الكفَّار يعرضون عن الدِّين في طلب الدنيا ، ثم يبقون محرومين عن الدنيا ، وعن الدِّين ، فهؤلاء هم الأخسرون أعمالاً الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.