والمراد منه أنَّ الطريق الذي ذكرناه هو عادتنا مع الذين يفسقون ، ويتمرَّدون فيما تقدم من القرون الذين كانوا بعد نوح ؛ كعادٍ وثمود ، وغيرهم ، ثم إنه - تعالى - خاطب رسوله - صلوات الله عليه - بما يكون خطاباً وردعاً وزجراً للكُلِّ ، فقال جلَّ ذكره : { وكفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } وهذا تخويف لكفَّار " مكَّة " .
و " كَمْ " نصب بأهلكنا ، و " مِنَ القُرونِ " تمييزٌ ل " كَمْ " و " مِن بَعدِ نُوح " : " مِنْ " لابتداء الغاية ، والأولى للبيان ، فلذلك اتَّحدَ متعلقهما ، وقال الحوفيُّ : " الثانية بدلٌ من الأولى " ، وليس كذلك ؛ لاختلاف معنييهما ، والباء بعد " كَفَى " تقدم الكلام عليها ، وقال ابن عطيَّة : " إنما يجاءُ بهذه الباء في موضع مدحٍ أو ذمٍّ " والباء في " بِذنُوب " متعلقة ب " خَبِيراً " وعلَّقها الحوفيُّ ب " كَفَى " .
قال الفراء - رحمه الله- : لو ألغيت الباء ؛ من قوله : " بربِّكَ " جاز ، وإنما يجوز دخول الباء في المرفوع إذا كان يمدحُ به أو يذمُّ ؛ كقولك : كفاك به ، وأكرم به رجلاً ، وطاب بطعامك طعاماً ، وجاد بثوبك ثوباً .
أما إذا لم يكن مدحاً أو ذمًّا ، لم يجز دخولها ، فلا يجوز أن يقال : " قَامَ بِأخيكَ " وأنت تريد : " قَامَ أخُوكَ " .
قال عبد الله بن أبي أوفى : القرنُ : عشرون ومائة سنة ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل قرنٍ ، وكان آخره يزيد بن معاوية{[20296]} ، وقيل : مائة سنة .
رُوِيَ عن محمد بن القاسم عن عبد الله بن بسرٍ المازنيّ : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأسه ، وقال : " سَيعيشُ هذا الغُلام قَرْناً " وقال محمد بن القاسم - رضي الله عنه - : فما زلنا نعدُّ له ؛ حتَّى تمت له مائة سنة ، ثمَّ مات{[20297]} .
وقال الكلبيُّ : ثمانون سنة{[20298]} .
وقيل : أربعون سنة{[20299]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.