اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (4)

قوله : «الذين يقيمون » صفة أو بدل أو بيان لما قبله ، أو منصوب أو مرفوع على{[42326]} القطع وعلى كل تقدير فهو تفسير للإحسان . وسئل الأصمعي عن الألمعي فأنشد :

4049 - الأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّنْ *** نَ كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا{[42327]}

يعني أن الألمعي هو الذي إذا ظن شيئاً كان كمن رآه وسمعه كذلك المحسنون هم الذين يفعلون هذه الطاعات ومثله وسئل بعضهم عن الهلوع فلم يزد أن تلا : { إِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً } .

فصل :

قال في البقرة : { الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب وَيُقِيمُونَ الصلاة } ولم يقل هنا : الذين يؤمنون بالغيب ؛ لأن المتَّقِيَ هو التارك للكفر ويلزم{[42328]} منه أن يكون مؤمناً ، والمؤمن{[42329]} هو الآتي بحقيقة الإيمان ، ويلزمه أن لا يكونَ كافراً ، فلما كان المتقي دالاً على المؤمن بالالتزام مدح بالإيمان هناك ، ولما كان المحسن دالاً على الإيمان بالتنصيص لم يصرح بالإيمان{[42330]} .


[42326]:نقله القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن 14/50.
[42327]:البيت من المنسرح وهو لأوس بن حجر وهو ثالث بيت من قصيدة يمدح فيها فضالة بن كلدة في حياته ورثائه بعد مماته والشاهد بالبيت "الذي يظن" فهو يفسر الموصوف وهو الألمعي كما أن "الذين يقيمون الصلاة" مفسّر "للمحسنين" الموصوف أي هم المعينون. انظر: ذيل الأمالي والنوادر 34، والخصائص 2/112، والكامل للمبرد 4/37 و 38 والبحر المحيط 7/183 والكشاف 3/229 وديوان أوس "3".
[42328]:في "ب" ويلزمه.
[42329]:في "ب" والفخر الرازي والمحسن.
[42330]:انظر: تفسير الفخر الرازي "التفسير الكبير" جـ 25/140.