نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ} (4)

ثم وصفهم {[53613]}في سياق الرحمة والحكمة والبيان بالعدل{[53614]} بياناً لهم بما{[53615]} دعت إليه سورة الروم من كمال الإحسان في معاملة الحق والخلق اعتقاداً وعملاً فقال : { الذين يقيمون الصلاة } أي يجعلونها كأنها قائمة بفعلها بسبب إتقان جميع ما أمر به فيها وندب إليه ، وتوقفت بوجه عليه ، {[53616]}على سبيل التجديد في الأوقات المناسبة لها والاستمرار ، ولم يدع إلى التعبير بالوصف كالمقيمين داع ليدل{[53617]} على الرسوخ لأن المحسن هو الراسخ في الدين رسوخاً{[53618]} جعله كأنه{[53619]} يرى المعبود ودخل فيها الحج لأنه لا يعظم البيت في كل يوم خمس مرات إلا معظم له بالحج فعلاً او قوة { ويؤتون الزكاة } أي كلها فدخل فيها الصوم لأنه لا يؤدي زكاة الفطر إلا من صامه قوة أو فعلاً .

ولما كان الإيمان أساس هذه الأركان ، وكان الإيمان بالبعث جامعاً لجميع أنواعه ، وحاملاً على سائر وجوه{[53620]} الإحسان ، وكان قد ختم الروم بالإعراض أصلاً عمن ليس فيه أهلية الإيقان ، قال : { وهم } أي خاصة لكمالهم فيما دخلوا فيه من هذه المعاني { بالآخرة } التي تقدم أن المجرمين عنها غافلون { هم يوقنون } أي يؤمنون{[53621]} بها إيمان موقن فهو لا يفعل شيئاً الإيمان بها ، ولا يغفل عنها طرفة عين ، فهو في الذروة العليا من ذلك ، فهو يعبد الله كأنه يراه ، فآية البقرة بداية . وهذه نهاية .


[53613]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53614]:سقط ما بين الرقمين من م.
[53615]:في ظ: بما.
[53616]:العبارة من هنا إلى "يرى المعبود" ساقطة من م.
[53617]:من ظ ومد، وفي الأصل: يدل.
[53618]:سقط من ظ.
[53619]:سقط من ظ.
[53620]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: وجو.
[53621]:في ظ: يوقنون.